السؤال
لقد نذرت نذرا أن أذبح خروفين إذا عملت وأعطيهما لأم صاحبي التي كنت أحبها كثيرا، ولكن توفاها الله، يعني من الصعب الوفاء بالنذر. ماذا أفعل؟ جزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير. وهل يصح أن أتبرع بثمنهما؟ وشكرا.
لقد نذرت نذرا أن أذبح خروفين إذا عملت وأعطيهما لأم صاحبي التي كنت أحبها كثيرا، ولكن توفاها الله، يعني من الصعب الوفاء بالنذر. ماذا أفعل؟ جزاكم الله عني وعن المسلمين كل خير. وهل يصح أن أتبرع بثمنهما؟ وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن النذر المعلق منهي عنه لما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئا وإنما يستخرج به من البخيل". ومع ذلك فإنه إذا كان قربة فإنه يلزم الوفاء به إذا تحقق ما علق عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري وغيره.
فالواجب عليك -إذًا- أن تفي بنذرك على الكيفية التي نذرته بها؛ إذا كان على وجه الصدقة؛ لأنها لا تكون إلا قربة وطلبا لثواب الله تعالى.
قال محمد مولود في الكفاف:
صدقة ما لثواب الصمدِ والهبة العطاء للتودّدِ
وفي هذه الحالة تدفع هذا النذر لورثة أم صاحبك؛ لأنه نذر لمعين؛ فيستحقه ورثته بعد موته. ولا يصح لك أن تتبرع بثمنه؛ لأن من نذر لشخص معين أو لجهة لزمه أن يعطي النذر لمن عينه له حتى قال العلماء: "ولو نذر لمعين دراهم مثلا كان له- أي من له النذر- مطالبة الناذر بما نذر إن لم يعطه" انظر حاشية إعانة الطالبين للدمياطي الشافعي.
وجاء في نظم المايابي لالتزامات الحطاب:
فإن يكن لرجل بعينه فهو بحكم القاضي مثل دينه
ومن المعلوم أن ما يتركه الميت من ممتلكات وحقوق مادية أو معنوية فهو لورثته.
وجاء في فتاوى ابن حجر: وَسُئِلَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَمَّنْ قَالَ لِآخَرَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ نَذَرْت لَك بِصَاعٍ مَثَلًا مِنْ أَرْضِي كُلَّ سَنَةٍ مُدَّةَ حَيَاتِك ثُمَّ مَاتَ الْمَنْذُورُ لَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ النَّذْرُ أَوْ يُسَلِّمُهُ لِوَرَثَتِهِ ؟ ( فَأَجَابَ ) نَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ بِقَوْلِهِ: لَا يَبْطُلُ النَّذْرُ بِمَوْتِهِ بَلْ يُسَلِّمُهُ لِوَرَثَتِهِ كُلَّ سَنَةٍ. انتهى. وإنما قال ذلك لأن النذر يتأبد عندهم في هذه الصورة كالعمرى.
أما إذا كان ذلك على وجه الهبة فإنه لا يلزمك الوفاء به؛ لأن الهبة يمكن أن تكون لغير القربة، وقد قال الشيخ المرابط اباه في نظم الفردوس:
وَنَاذِرُ الْهِبَـــــةِ وَالنِّكَــــاحِ لَيْسَ بِلاَزِمٍ لَهُ يَا صَاحِ
إِذْ كُلُّ مَا يُمْكِنُ فِيهِ أَن يَّقَعْ بِغَيْرِ قُرْبَةٍ فَنَذْرُهُ امْتَنَعْ
فانظره في البناني يا أخي وفي نص خليل أول النذر تفي
فهو حينئذ من نذر المباح الذي لا يلزم منه شيء- على الراجح من أقوال أهل العلم فيه-، وذهب بعضهم إلى أن نذر المباح يخير صاحبه بين أن يفعله أو يكفر عنه كفارة يمين.
وعلى هذا القول لك الخيار في الوفاء به أو الكفارة عنه كفارة يمين، وانظر الفتوى: 113579 . وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني