السؤال
أمي امرأة في حوالي الستين من عمرها ـ الله يحفظها ـ وهي تحفظ من القرآن الكريم إلى سورة الشعراء ويصعب عليها نطق بعض الكلمات بحركاتها الصحيحة، فهل هي آثمة؟ مع العلم أنه عندما تم اختبارها في التحفيظ من قبل الموجهة طلبت منها إعادة الحفظ من البداية، ولكن أمي لم تكن لديها أخطاء سوى الصعوبة في نطق بعض الكلمات بالحركات الصحيحة وعندما تنطق الحركات خاطئة تكون في آيات لا يتغير فيها المعنى، فما رأيكم؟ وهل تستمر في الحفظ أم تتوقف؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة القرآن الكريم لا بد من تصحيحها بنطق الكلمات وتصحيح الحركات، ولا يصح أن يقرأ بحركات منحرفة ولو لم تغير المعنى، روى ابن الجزري ـ رحمه الله ـ في كتابه النشر عن نصر الشيرازي أنه قال: حسن الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته. انتهى.
وقال: ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، كذلك هم متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة، والمتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
فإن كانت أمك قادرة على التعلم لتصلح ما عندها من الأخطاء فمن واجبها أن تتعلم، وتكون آثمة إذا تعمدت ترك التعلم واستمرت على القراءة الخاطئة، وإن كانت غير قادرة على التعلم فعند بعض أهل العلم تفصيل في حكم قراءتها، قال أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله ـ في الإحياء: والذي يُكثر اللحن في القرآن إن كان قادراً على التعلم فليمتنع من القراءة قبل التعلم فإنه عاص به، وإن كان لا يطاوعه اللسان فإن كان أكثر ما يقرؤه لحنا فليتركه وليجتهد في تعلم الفاتحة وتصحيحها، وإن كان الأكثر صحيحاً وليس يقدر على التسوية فلا بأس له أن يقرأ، ولكن ينبغي أن يخفض به الصوت حتى لا يسمع غيره، ولمنعه سراً منه أيضاً وجه، ولكن إذا كان ذلك منتهى قدرته وكان له أنس بالقراءة وحرص عليها فلست أرى به بأساً. انتهى.
فعلى أمك أن تصلح أخطاءها ولا تستمر في طريق الخطأ، وعليها أن تبدأ من جديد تحت إشراف من يعلمها بطريقة صحيحة ولا تتوقف عن محاولة الحفظ وتصحيحه، فالقرآن ميسر لمن أراده حقيقة، والنطق بحروفه سهل لكن لا بد له من تدريب، كما قال ابن الجزري:
وليس بينه وبين تركه * إلا رياضة امرئ بفكه.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وانظري الفتويين رقم: 95468، ورقم: 3913، للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.