الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حرمة الغش ووجوب الكف عن تمكين الغير منه

السؤال

أنا أدرس بالمرحلة الأخيرة من السنة الدراسية في الثانوية. كنت والعياذ بالله السنة التي سبقتها "أغش" ولكني ولله الحمد تبت من ذلك. واستقمت لرب العباد. وفي هذه السنة الفصل الدراسي الأول والفصل الدراسي الثاني لم أغش بتاتاً في أي اختبار، علماً بأن جميع الفصل يغشون بل المدرسة بأكملها مايمثل 90% من الطلاب "غاشون" وحتى أن هناك بعض المدرسين من يغششون الطلبة ويبيعون لهم الأسئلة في مدرستي! وأنا ولله الحمد تجنبت ذلك.. واعتمدت على الله ثم على نفسي في إنجاح مستقبلي إلا أن هناك مشكلة تقع على عاتقي يوماً عن يوم. هذه المشكلة هي أنني أغشش غيري. للأسف الشديد أقولها وأنا نادم وأنا مكره لا أستطيع التغلب على هذا, لضعف إيماني بالله. ففي المدرسة وقت الاختبار الذي أمامي والذي خلفي يقومان بنقل "غش" الإجابات مني وأنا واضع الإجابات أمام الماصة, وهناك من صف آخر من يقوم بطلب سؤال مني وأقوم بإعطائه الإجابة وأنا مكره ولو كان بيدي لاختبرت فردياً كل يوم .. للأسف الشديد لا أعلم ماذا أفعل إلا أنني لا أستطيع قول لا .. وأنا كاره جداً لهذا الفعل.. بل فوالله الذي لا إله الا هو أني أفضل أن يكون برقبتي السيف لإنهاء حياتي على أن أغشش غيري.. ولكن المشكلة مازالت مستمرة.. فقد تقدمت بطلب لوكيل المدرسة بنقلي لـ لجنة أو قاعة أخرى فكان رده سلبياً وكان تبريره أن ترتيب الأسماء أبجدي. ما العمل يا إخوة فما زالت هناك اختبارات قادمة وإن كانت بالتوبة فإني لا أقوى على ذلك.. لا أستطيع فهم يغشون مني، وأنا قد قرأت مطوية تذكر بأن من يغشش أخطر وأعظم ذنباً ممن يغش لنفسه، لأن من يغشش غيره يتحمل درجاته المزيفة ومن ثم توظيفه في مكان عمل ليتلقى راتبا حراما يؤكل به نفسه وزوجته وعياله بسبب هذه الشهادة المزيفة فيصبح الإثم على عاتق من غششه! :( الذي هو أنا.. ردكم على هذا السؤال مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت صنعا بالكف عن الغش والتوبة منه، ومن تاب تاب الله عليه، لكن إعانتك لزملائك على الغش وتمكينهم من نقل الأجوبة أوإخبارهم بها لا يجوز لقوله تعالى : وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}. فالواجب عليك ألا تخبر من يسألك يريد الغش في الاختبار، وتنصحه بالكف عن ذلك لحرمته، ولا تترك ورقة إجابتك بحيث يطلع عليها غيرك، ومن اطلع عليها دون علمك فإثمه عليه لا عليك، ولا تستحي في منعهم من ذلك فرضى الله أولى بالمراعاة وحرماته أولى أن يستحيا منها. ففي سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس. وفي رواية: من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. أخرجها الترمذي وابن حبان وصححها الأرناؤوط والألباني.

فاستغفر الله تعالى مما كان ولا تمكن الطلاب من الغش من ورقتك، أوتلقي لهم الأجوبة ولو سألوك، وما حصل من ذلك دون علمك فلا تؤاخذ به لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة:286}، وفي الصحيح أنه قال: قد فعلت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني