السؤال
توفي الوالد منذ عشرين عاما، وبقيت التركة تحت تصرف إخوتي من الأب وأمهم، وبعد الاتفاق على القسمة تنازلت عن جزء من التركة غير أني تراجعت عنه بسبب عدم موافقة أخوي الشقيقين، وكذلك بسبب سوء معاملة زوجة الأب وأولادها لي إذ إنهم لم يمكنوني من كل نصيبي لحد الساعة. فهل يحق لي هذا التراجع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تنازل من الورثة عن نصيبه الشرعي طائعا مختارا وهو بالغ رشيد، فإن تنازله صحيح، وهذه تعتبر هبة منه لمن تنازل له، ولكن لا تصير هذه الهبة لازمة يمنع التراجع عنها إلا إذا حاز الموهوب له الهبة قبل أن يعود الواهب في هبته، لما ذكره الفقهاء من أن الهبة لا تصير لازمة إلا بالقبض في قول الجمهور، إلا إذا كانت الهبة أصلا في يد الموهوب له فإنها تصير لازمة بمجرد الإيجاب والقبول.
قال صاحب الروض: وتلزم بالقبض بإذن واهب إلا ما كان في يد موهوب له لأن قبضه مستدام فأغنى عن الابتداء.
وجاء في حاشية النجدي على الروض: قال الوزير: اتفقوا على أنها تصح بالإيجاب والقبول والقبض، وتلزم به عند أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد، وعند مالك لا تفتقر صحتها ولزومها إلى القبض، ولكنه شرط في نفوذها وتمامها لا في صحتها ولزومها.انتهى.
وعليه فلا حق لك في التراجع عن التنازل إن كان حصل حوز الهبة. وكون الورثة قد ظلموك لا يبيح لك الرجوع فيما تنازلت عنه، ولك مطالبتهم بحقك ورفعهم للقضاء لإلزامهم بدفعه إن ماطلوا وامتنعوا.
والله أعلم.