الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم من أخر قضاء الصوم بلا عذر حتى دخل شهر رمضان

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة, عندي أيام من رمضان الفائت لم أقضها , وعندما
نويت أن أقضيها الآن , بدأنا بنقل أغراضنا للبيت الجديد حيث إننا سوف ننقل لبيت جديد
ولقد أخذوا المكيف الموجود في غرفتي والجو الآن جدا حار , ولقد حاولت وصمت نصف يوم ولكني
لم أتحمل أحس أني جدا تعبت من الحر والصيام , فقلت أقضيها في شوال القادم , وأفطر عن كل يوم مسكينا ,
علما أني لم أستطع أن أقضيها طول السنة لأنني معلمة ولم أستطع الصوم أثناء عملي , أعرف أنه يوجد أيام كنت أستطيع
أن أصوم فيها ولكني لم أصم نسيانا أو تساهلا وأنا أعترف أنه خطأ ولكن ماذا أعمل ؟
فهل علي إثم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :

فالواجب عليك الآن قضاء تلك الأيام بعد رمضان , وإن كنت تساهلت في القضاء إلى أن دخل رمضان فالواجب عليك أيضا إطعام مسكين عن كل يوم مع التوبة لأن تأخير القضاء حينئذ يحرم في قول بعض أهل العلم , جاء في الموسوعة الفقهية عن تأخير قضاء صيام رمضان :
الأْصْل الْمُبَادَرَةُ إِلَى قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ مَا لَمْ يَتَضَيَّقِ الْوَقْتُ ، بِأَلاَّ يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَمَضَانَ الْقَادِمِ إِلاَّ مَا يَسَعُ أَدَاءَ مَا عَلَيْهِ . فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْوَقْتُ لِلْقَضَاءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ . فَإِنْ لَمْ يَقْضِ فِيهِ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى تَأْثِيمِهِ بِالتَّأْخِيرِ إِذَا فَاتَ وَقْتُ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ، لِقَوْل عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ فِي شَعْبَانَ لِمَكَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالُوا : وَلَوْ أَمْكَنَهَا لأَخَرَتْهُ ، وَلأِنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الأْولَى عَنِ الثَّانِيَةِ كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ . وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ هَل عَلَيْهِ رَمَضَانُ آخَرُ . لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ عِنْدَهُمُ الْمُتَابَعَةُ مُسَارَعَةً إِلَى إِسْقَاطِ الْوَاجِبِ , هَذَا ، وَإِذَا أَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى دَخَل رَمَضَانُ آخَرُ فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَ مُفَرِّطًا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ مَعَ الْفِدْيَةِ ، وَهِيَ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُل يَوْمٍ ؛ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ ، ثُمَّ صَحَّ فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ : يَصُومُ الَّذِي أَدْرَكَهُ ، ثُمَّ يَصُومُ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ وَيُطْعِمُ عَنْ كُل يَوْمٍ مِسْكِينًا , وَلِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا : أَطْعِمْ عَنْ كُل يَوْمٍ مِسْكِينًا ، وَلَمْ يَرِدْ خِلاَفٌ فِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ . اهـــ فالخلاصة أنك إن كنت فرطت في القضاء ولم يكن لك عذر في الفطر في القدر الذي يسع أيام القضاء من شعبان فلتتوبي إلى الله ، وإذا انقضى رمضان فلتقضي ولتتطعمي مسكينا عن كل يوم من تلك الأيام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني