الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما يحدث في مصر أشعر وكأنه غضب من الله عليها ومن كثرة المعاصي بها أشعر أننا نستحق هذا العقاب من قلة الأمن وأصبحت أيضا لا أثق بالأزهر الشريف رغم أنني أعلم أنه كان منارة الإسلام وأعلم مكانته في قلوبنا ولكن العاملين عليه يفتون بما يهواه الحاكم هو والشعب فمثلا علي سبيل المثال يعلمون جيدا أن التدخين حرام ولم يحرموه بطريقة مباشرة أو بتوضيح على الملأ ولكن لا يتكلمون ويكتمون الحق في هذا الموضوع فهل هذا حرام أم لا؟
وأتمنى من ربي أن يعيد مصر وأزهرها إلى ما كانوا عليه من تدين وخلق حميد ، وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد دلت نصوص الكتاب والسنة على شؤم المعاصي، وأنها من أسباب البلايا والرزايا وحلول المصائب والعقوبات التي تصيب الإنسان في حياته وبعد مماته، وراجعي في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 52539، 142531، 41620.
وأما بالنسبة للأزهر فإنه مؤسسة عريقة لها تاريخها ودورها المعروف ومكانها المرموق، ولكن العصمة بعد الأنبياء معدومة ، فيُؤخذ من المصيب صوابه ويُترك ما عداه ، وعلى أية حال، فالحجة في الوحي المعصوم من كتاب الله وما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإسلام هو الحَكَم والحجة على الناس جميعا عالمهم وجاهلهم، وليس أحد حجة على الإسلام، فالعالم قد يخطئ ويزل، والمنافق قد يجادل ويخاصم، وأئمة الضلال يبدلون ويغيرون، ويبقى الإسلام هو الحق المحض، وقد قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يهدم الإسلام زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين. رواه الدارمي. وما أحسن ما قاله الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ليس كل عالم يكون ثقة، فالعلماء ثلاثة: علماء ملة، وعلماء دولة، وعلماء أمة. أما علماء الملة - جعلنا الله وإياكم منهم - فهؤلاء يأخذون بملة الإسلام وبحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يبالون بأحد كائناً من كان. وأما علماء الدولة فينظرون ماذا يريد الحاكم، يصدرون الأحكام على هواه، ويحاولون أن يلووا أعناق النصوص من الكتاب والسنة حتى تتفق مع هوى هذا الحاكم، وهؤلاء علماء دولة خاسرون، وأما علماء الأمة فهم الذين ينظرون إلى اتجاه الناس، هل يتجه الناس إلى تحليل هذا الشيء فيحلونه، أو إلى تحريمه فيحرمونه، ويحاولون أيضاً أن يلووا أعناق النصوص إلى ما يوافق هوى الناس. اهـ.
وأما مسألة التدخين فقد حصل فيها خلاف بين أهل العلم قديما، والعذر في ذلك واضح، وهو عدم توفر العلم القطعي بضرره المطلق، ولشيخ الأزهر حسنين مخلوف فتوى قديمة سنة 1947 م قال فيها: حكم تعاطى الدخان حكم اجتهادى. وقد اختلفت فيه آراء الفقهاء والحق عندنا ـ كما فى رد المحتار ـ أنه الإباحة، وقد أفتى بحله من يعتمد عليه من أئمة المذاهب الأربعة. كما نقله العلامة الأجهورى المالكى فى رسالته. وقال العلامة عبد الغنى النابلسى فى رسالته التى ألفها فى حله: إنه لم يقم دليل شرعى على حرمته أو كراهته. ولم يثبت إسكاره أو تفتيره أو أضراره بعامة الشاربين حتى يكون حراما أو مكروها تحريما فيدخل فى قاعدة الأصل فى الأشياء الإباحة .. اهـ. وكذلك قرر الشيخ عطية صقر ـ وهو أحد مشاهير علماء الأزهر ـ في رسالة خاصة عن التدخين طبعت ملحقة بمجلة الأزهر.
ولكن مع تقدم الطب وتطور الوسائل العلمية في الفحص والتحليل والتشخيص صار ضرر التدخين معلوما مقطوعا به، ولذلك فقد سبق أن نبهنا على أن القائلين بجوازه أو كراهته قلُّوا في هذا الزمن بعد تقرير الأطباء المختصين، وعلى أن علماء المسلمين اليوم يكادون يجمعون على حرمة التدخين، وراجعي في ذلك الفتويين: 37381، 40408. وراجعي في جواب بعض الشبهات حول حرمة التدخين الفتوى رقم: 123164.
وللشيخ الدكتور نصر فريد واصل أحد علماء الأزهر ومفتى مصر السابق فتوى مشهورة في تحريم التدخين.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني