الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الهجرة بسبب أذية الناس تعتبر عدم ثقة بالله

السؤال

هل الهجرة إلى بلد آخر تعتبر عدم صبر على البلاء؟ فالناس يظنون بي السوء ويكرهونني لغير سبب، فضاق بي الحال، والله أعلم بحالتي النفسية، يقول عز وجل: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ـ فلو بقيت في بلدي لا أعلم ما سيحدث لي، لكن في ظل قوله تعالى: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ـ هل الهجرة تعتبر عدم ثقة بالله عز وجل طبقا للآية التي ذكرت؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هجرة المسلم من بلد تحصل له فيه الأذية أو يخاف فيه على دينه أو نفسه أو عرضه أو ماله إلى بلد آمن لا حرج فيها، ولا تعتبر من عدم الثقة بالله تعالى، بل هي من الأخذ بالأسباب ودفع الضرر المأمور به شرعا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.. الحديث رواه مسلم.

وقال عمر ـ رضي الله عنه ـ نفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله. رواه البخاري ومسلم.

وما كتبه الله للعبد أو عليه سيقع لا محالة أينما كان وعلى أي حال كان، كما قال تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا {التوبة:51}.

ولكنه مع ذلك مكلف بالأخذ بالأسباب، وليس مكلفا بالنتائج، لأن الأسباب من الشرع، والنتائج من القدر، وأما قولك: ولا تؤدوا بأنفسكم.. فليس بآية، ولعلك تقصد قول الله تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}.

وقد فسر بعض السلف: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ـ بترك الإنفاق والجهاد في سبيل الله، ولكن العبرة بعموم اللفظ كما قال العلماء، فالمسلم متعبد بأن لا يلقي بيديه إلى التهلكة وأن يأخذ بالأسباب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني