الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يجوز لعن الذل أم إنه خلق من خلق الله لا يجوز لعنه ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه ينبغي للمسلم أن يكون بعيداً عن اللعن والسب، وغيره من الأوصاف التي تتنافى مع الأخلاق والأوصاف الحميدة التي يحسن بالمسلم الاتصاف بها.
فقد روى البخاري عن أنس قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً.
وفي الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكون المؤمن لعاناً.

وفي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة. وقال عليه الصلاة والسلام: لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا. وفي الحديث: ليس المؤمن بطعان ولا بلعان ولا بالفاحش ولا بالبذيء.

وأما الذل فهو وصف معنوي ولم نجد نصا لأهل العلم بخصوصه، ولكن النصوص وردت بما يفيد الزجر عن لعن الأشياء على سبيل العموم، فعن ابن عباس أن رجلا لعن الريح - وقال مسلم إن رجلا نازعته الريح رداءه على عهد النبى -صلى الله عليه وسلم- فلعنها - فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-: لا تلعنها فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه. رواه أبو داود وصححه الألباني. وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن إن كان أهلا لذلك وإلا رجعت إلى قائلها. رواه أبو داود.

وحتى الحمى فقد ورد النهي عن لعنها، ففي عمل اليوم والليلة للنسائي: عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بعض أَهله وَهُوَ وجع وَبِه الْحمى فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَهِي أم مِلدَم؟ فَقَالَت امْرَأَة: نعم فلعنها الله فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تلعنيها فإِنها تغسل أَو تذْهب بذنوب بني آدم كَمَا يذهب الْكِير خبث الْحَدِيد.

وقد منع العلماء لعن كل شيء ليس أهلاً للعن، لأن اللعنة إذا لم تصادف محلاً رجعت على صاحبها.

وقال النووي في الأذكار والذهبي في الكبائر: لعن جميع الحيوانات والجمادات، كله مذموم. اهـ

وجاء في فتاوى الأزهر: اللعن معناه الطرد من رحمة الله، وهو منهى عنه بوجه عام، فالمؤمن لا يكون لعانا، ولا يكون شفيعا ولا شهيدا يوم القيامة كما جاء في الأحاديث التي رواها مسلم، وروى أبو داود والترمذى حديث: من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه. اهـ

وبناء عليه فننصح بالبعد عن اللعن دائما.

فقد قال الخادمي في بريقة محمودية: والأولى أن لا يصدر اللعن عن المؤمن لشيء مطلقا، لأن الاشتغال بذكر الله أهم وإن لم يمكن ففي السكون السلامة، ألم تر أن الله تعالى لم يوجب علينا لعن أحد ولو إبليس، ففيه عبرة لمن اعتبر من أولي الألباب، ووعظ لمن اتعظ فليس في ترك اللعن حظر ولو لإبليس. اهـ

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني