الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحادث إن ترتب عليه غرامة على غير المخطئ فهل يحق له التشهير بالمخطئ

السؤال

إخواني، بداية القصة حدث حادث مروري مع والدي، وكنت معه، وكان الحق واضحا على السيارة الأخرى، ووالدي قال: دعنا نذهب ولا نستدعي الشرطة، قلت له: لا، لا بد أن نأخذ حقنا حتى لو كان 5 ريال، مع أن تصليح سيارتنا يكلف فوق 500 ريال، والرجل الذي ضربنا قال إنه مسامح لنا، مع أنه هو المخطئ وهو الذي يجب عليه أن يرضينا ويدفع لنا، وطلبنا الشرطة وكان الرجل الذي ضربناه نافذا ويعرفهم، فقلب الحق باطلا وجعل الحق علينا، وصرنا نحن الذين يجب أن ندفع له تصليح سيارته، وهنا أصبح الرجل بطلا يريد أن يسامح وذهبنا إلى المركز الأمني، ومنه قدمنا اعتراضا على تشخيص الحادث، فحولنا إلى المحكمة. وهنا بدأ الموضوع يكبر، وبدأ والدي يجعل اللوم علي، مع أن هدفي كان أخذ الحق لوالدي وأبي مقتنع أن الحق لنا. وبعد ذهابنا إلى المحكمة لم يفعل القاضي شيئا إلا أنه حلّف الرجل يمينا على القرآن، وقال له احلف ماذا صار معك وقل لهم ماذا حدث، ولكن لم يقل لهم الحقيقة وقال إننا ضربناه وهو لم يتحرك ( مع أنني رأيته بعيني يتحرك مسافة كبيرة أيضا وضربنا ) وبعدها قال والدي دعني أنهي الموضوع ودفع له 1000 ريال تقريبا مع أن سيارته ليس بها شيء !! وبعدها ظل أبي يعيرني، كل حين يقول لي: جعلتنا ندفع مبلغا من وراء عقلك !! ( لأنني أتصف بأنني لم أسكت أبدا لأحد حتى لو ضايقني بكلمة ) مع أن والدي عارف أنه مضحوك عليه، وأنا رجل أعرف الله، ومواظب على الصلاة، وأنا الكبير بين إخواني. وأنا الآن أفكر بالانتقام من الرجل حيث قمت بتصويره، وٍسأنشر له قصة على المواقع تشوه سمعته لكي أحس أنني لم أسكت عن حقي لأني بالأساس مبرمج مواقع إلكترونية. ولم يتجاوز عمري 20 سنة، وأحاول العودة إلى حياتي الطبيعية، ولكن كل لحظة يخطر ببالي وسواس أنه لابد أن آخذ حقي لأنني بهذه الصفة صرت ضعيفا، وآخذ حقي عيني عينك !! مع أن الرجل حلف يمينا على القرآن بغير الحقيقة، لكن أحاول إقناع نفسي بأن حقي عند الله، ولكن يظل الوسواس يخطر ببالي أنه فقط وضع يده على القرآن وداخل نفسه قال شيئا آخر لذلك ينفذ من العقاب عند الله. وأنه لابد أن أنتقم لكي لا أكون أمام نفسي ضعيفا. أريد شيئا يقنعني أنني أخذت حقي أو رددتها عليه، خصوصا أن والدي يعيرني ويعرف أن ما فعلته ليس خطأ !! فبماذا تنصحني يا شيخ أن أفعله ؟؟ وآسف على الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننصحك أن تحمد الله على السلامة، وأن تشغل ذهنك عن هذه الوساوس.

وأما عن طلبك لحقكم فهو جائز، ولكن العفو عن المتسبب في الحادث أفضل من أخذ الحق منه، قال تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى {البقرة:237}، وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، وقال تعالى: وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {التغابن:14}.

وقال سبحانه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل:126].
وقال سبحانه: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.

وبما أن الحكم قد صدر لغير صالحكم، وقد دفعتم الفلوس، فالأولى أن تريحوا أنفسكم، فما يدريك لعل الحق مع غيركم، وأما فضحك له على المواقع فلا يجوز وهو من الاعتداء وتجاوز الحق إن ثبت لكم حق أصلا .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني