الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب عمري 24 عاما من جمهورية السودان، تخرجت من جامعة القرآن الكريم من قسم الاقتصاد، وكنت آملا الحصول على وظيفة أكتسب منها رزقا حلالا حتى سنحت لي الفرصة هذا العام، واخترت بعد عناء للعمل بديوان الضرائب فاصطدمت بواقع أمر حيث قيل لي إن العمل في الضرائب حرام إلا أن تعمل بنية التخفيف عن الناس وإحقاق الحق، وجوز لي العمل د. عبد الحي يوسف، ود. عصام أحمد البشير، لكن المسألة هي أن الإدارة التي أعمل بها هي المكافحة والرقابة ـ أي مكافحة التهرب الضريبي ـ وعادة يمكنني في اليوم الواحد أن أجلب 10مخالفات من التهرب الضريبي، لكنني أقوم بإحضار مخالفة واحدة في اليوم ولا أزيد على ذلك وأختار المخالفة بحسب القدرة للمكلف على الدفع، فأختار من يقدر على الدفع، وفي بعض الأيام لا أحضر مخالفات وأساعد في التهرب من الضرائب بدلا من أن أكون مكافحا له، وفي بعض الأحيان أقوم بتحرير المخالفات بكميات أقل وبيانات مغلوطة لكي لا يدفع المكلف مبالغ كبيرة، وفي بعض الأحيان أقل حيث نكتفي بعدد معين من المخالفات لكي نرفع الظلم قليلا، والسوال هو: هل ما أفعله من باب التخفيف وأستمر فيه؟ أم حرام لا يجوز؟ مع العلم أن نظام الضرائب في السودان على الأرباح والأعمال 15 في المائة، والقيمة المضافة في المائة 17 مع العلم أن القيمة المضافة تضاعف أسعار السلع وعبئها يقع على كل إنسان في بلدنا، فهل أستمر في هذا النهج وأساعد على التهرب منها بما أستطيع؟ وهل المخالفات التي آتي بها أتحمل وزرها، لأنني إذا لم أحضر مخالفة لمدة ثلاثة أوأربعة أيام فسيستوضحون مني ويمكن أن أفصل عن العمل، والأهم من ذلك كله هل أنال أجرا؟ ومن أحضرتهم بمخالفات لأفدي بهم آخرين أكثر هل أتحمل ذنبهم؟ أم أترك العمل؟ بالله عليكم أجيبوني من فيض علمكم فأنتم بحور لا قرار لها، وإني أرتجي منكم المدد من بحر علمكم يا أساتذتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالضرائب التي تراعي فيها الدولة الشرع - ولا ترهق الناس بالضرائب الباهظة، وتنفق هذه الأموال في مصالح المسلمين - يجوز العمل في إداراتها، وليس للموظف فيها ترك من استحقت عليه ضريبة دون أخذها منه، لأن الدولة تأخذها بوجه مشروع، وإن كانت الضرائب على خلاف ما تقدم، فلا تجوز جباية هذه الضرائب ولا العمل فيها في هذه الحالة، لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.

وقد يتسامح فيه إن كان سبيلا إلى تخفيف الظلم وتقليل المكوس عن الناس، فهذا من حيث العموم، أما من حيث خصوص الضرائب في بلد السائل وهل هي من النوع الأول أو الثاني فيرجع فيه إلى أهل العلم في بلدك من أمثال الشيخين الجليلين المذكورين، فهم أدرى وأولى بتحديد نوع الضرائب وحكم العمل فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني