الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إطلاق السورة على غير القرآن.. رؤية شرعية

السؤال

شيخنا الكريم: هذه خاطرة لابن عمي وهو شاعر وأعتقد أن فيها إساءة للقرآن فأرجو منكم إذا كانت فيها إساءة للقرآن توضيحها مع نصيحة لعلي أرجع إليه فيهديه الله:
لمّيني إليكِ، واقرئي على قلبي الصغير ... ما تيسّر لكِ من سورة الحياة.. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان ابن عمك غير معروف بالسوء فلا ينبغي إساءة الظن به، لأنه لم يذكر آية من القرآن بنصها مضمنا لها في الغزل. والأصل أن الكلام المحتمل لا يظن السوء بصاحبه، ولا يحمل كلامه على الضلال، وقد قال عمر رضي الله عنه: لا تظننّ بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرًا، وأنت تجد لها في الخير محملاً.

وقال علي القاري في شرح الشفا: قال علماؤنا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فينبغي للمفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وهو مستفاد من قوله عليه السلام: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة ـ رواه الترمذي والحاكم. اهـ.

وقال الزرقاني في مناهل العرفان: ولقد قرَّر علـماؤنا أن الكلـمة إذا احتملت الكفر من تسعة وتسعين وجهاً، ثم احتملت الإيمان من وجه واحد، حُملت علـى أحسن الـمـحامل، وهو الإيمان، وهذا موضوع مفروغٌ منه ومن التدلـيل علـيه. اهـ.

ومع ذلك، فلا شك أن إطلاق السورة على غير القرآن مما لا ينبغي قوله، وقد ذكر الشيخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم في منظومته في المصطلح المسماة: طلعة الأنوار ـ أن مما يفترق فيه القرآن عن الحديث تسمية جمل القرآن بالآيات وبالسور، فقال رحمه الله:

جمله الآي وتسمى سورا ولا كذا الحديث فيما غبرا.

وإذا كانت جمل الحديث لا تسمى بالسور فلا يسمى بها كلام الناس العادي من باب أولى، ولا سيما إذا كان غزليا، فلا يسوغ استعمال الألفاظ الشرعية القرآنية كقراءة السور في الغزل، لما في الغزل من المنافاة لما يدعو له القرآن من العفة والبعد عن أسباب الفساد.

هذا، وينبغي للشاعر وغيره أن يتحرى في ألفاظه، ويبتعد عما يمكن أن يحمل الناس على سوء الظن به، وأن يستخدم طاقته وذكاءه وشاعريته في نصر الإسلام والذب عنه؛ كما كان حسان ـ رضي الله عنه ـ ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني