الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حول كيفية العدل عند تعدد الزوجات

السؤال

أنا زوجة ثانية منذ ست سنوات، وأنا الآن حامل بأول طفل لي والحمد لله, مغتربة وكل أهلي ليسوا في المملكة، كنت أدرس الماجستير والدكتوراه، وبدأت العمل منذ سنة تقريبا، وزوجي دكتور له 8 أبناء من زوجته الأولى, ميسور الحال والحمد لله ويعمل أيضا، وإليكم ما يلي والذي أرجو إفتائي فيه، الله يجزيكم الخير، لأن الوضع بيننا متأزم لأقصى حد ولا أحد من المفتين رد علي: أسبوع الزواج قضيناه في الفندق وزوجي يداوم في الجامعة كعادته وكان طالبا حينها, يعني لم أخرج إلى أي مكان, إلا أنه أخذ زوجته الأولى للمدينه المنورة بعد هذا الأسبوع ليهون عليها الوضع في الوقت الذي أنا العروس لم يخرج بي إلى أي مكان ـ لا شهر ولا حتى أسبوع عسل ـ ناهيك عن المشاكل اليومية التي تسببها زوجته لنا واتصالاتها هي وأهلها، في بداية زواجنا ولمدة 6 أشهر كان زوجي يقضي نهاية الأسبوع ـ خميس وجمعة ـ مع زوجته الأولى وأولاده ـ مبيت وأكل ووقت ـ في الوقت الذي أكون فيه في الشقة بمفردي في بلد غربة وحي غريب لا أعرف فيه أحدا ولا يعرفني فيه أحد حي مظلم ناء وسيء... وطالما بكيت وترجيت وبينت أن هذا من الظلم لكن دون فائدة، استمر هذا الوضع 6 أشهر وبعدها استقر الوضع في مسألة المبيت فقط، أنفق على نفسي في مسألة الملابس والمستلزمات النسائية ومصاريف الدراسة والمواصلات من وإلى الجامعة والجوال وكل الجوانب، وزوجي يتحمل الإيجار وشراء الأكل والشرب وكسوة لي مرتين في السنة 300 ريال 150 +150 وهذا الوضع منذ زواجنا وحتى قبل أن أعمل في الوقت الذي يتحمل مصاريف زوجته الأولى جملة وتفصيلا من وإلى ـ ربة بيت فقط ـ بالإضافة إلى أنه يعطيها مصروفا يوميا، وأنا أصرف على أسرتي ودراسة أخواتي السبع من عملي أو المنحة المالية التي كنت أحصل عليها في دراستي، حيث توفي والدي منذ أكثر من 23 سنة، وفي الوقت الذي مازال أبوها على قيد الحياة وليس عليها أي التزامات مالية تجاه أسرتها، نقطة هامة وهي أنني لم أقصر يوما قط مع زوجي ولم يشعر أبدا أني أعمل أو أن عملي مؤثر على حياتي, فهو يخرج قبلي ويأتي بعد أن أعود للبيت بكثير وأكله جاهز, وملابسه نظيفة, وإذا درست أو حضرت دروسا تكون في الوقت الذي يكون فيه خارج البيت ولا يأتي إلا وأنا في أحسن صورة يتمناها الزوج من زوجته وهكذا في كل ليلة يبيت عندي، وطبعا هذا كله على حساب راحتي، ومحرومة من لذة أن يشتري لي زوجي, أو أن ينفق علي, لم أشعر بفرق زواجي مازلت أصرف على نفسي علما أني أساهم في البيت, أغلب أثاث وفرش البيت أنا من اشتريته وأي شيء يحتاجه البيت لا أقصر فيه لأنني أعرف أنه لن يشتري وسيظل يحسبها سنوات ـ أشتري هنا طيب وهناك؟ ـ وهذا ماحصل في أشياء كثيرة، ولا يعدل سوى في المبيت والغداء يوما بيوم... أما أوقات الجلوس في البيت فلا عدل فيها، فهو دائما يتحجج بالأولاد وحاجتهم له ساعة ونصف وقت الغداء، وساعتين قبل النوم هذا ما يمنحه من وقت للجلوس معي ويخرج في الصباح ليوصل أولاده إلى المدارس ويروح للعمل، ناهيك عن الإجازات والأعياد التي بت أكرهها لأنها لا تأتيني إلا بالمشاكل والبكاء والنحيب فلا حق لي بعيد ولا إجازة، فهو يقضي الوقت معهم وحجته الأطفال, وأنا لست ضد أن يظل معهم لكن أين حقي فيها وفيه؟ ليخرجني وأحس بالعيد مثل خلق الله, أنا لست ببلدي ولا بين أهلي، بل ببلد غربة، ومرة في أحد الأعياد ظل لا يرد على اتصالاتي طول اليوم وحتى الليل وأنا في حالة لا يعلم بها إلا الله من بكاء ونحيب، عيد وأنا وحدي بالبيت ... وفي الليل أرسل لي رسالة جوال قال: بكرة سوف أخرجك أما اليوم فللأطفال، مرضت بعدها قهرا وحرقة ولم أخرج لا بكرة ولا بعده وطبعا استغل الوضع وقضاه معهم, وأعياد أخرى قضيتها في شبه هذه الظروف لا يوجد من يزورني ولا زوجي عندي ولا حتى يسأل عني، وكثيرا ما يكذب علي أنه معزوم عند أصحاب في حين أنه يكون عندهم, سواء كان غداء أو سهرة ويحلل هذا الكذب على أنه مشروع, وإذا سافر يكذب علي في وقت عودته حيث يعود هناك وقد يبيت رغم أن المفروض أن يكون المبيت عندي ويتصل بي في اليوم الثاني على أساس أنه وصل يومها، ومنذ زواجي ـ ست سنوات ـ لم أر أولاده ولا يوجد أي اتصال أو تواصل وأي ظرف يخصهم مطلوب مني أن أتحمل وأقدر لكن لو كانت الظرف يخصني بصريح العبارة ليست لهم علاقة إن شاء الله أحترق. فمثلاً...خمس سنوات تعذبت في النوم, أصحو الفجر ولا أنام بعدها لأوقظه ليوصلهم إلى المدارس ولا أعرف أن أنام مرة أخرى، وإذا ذهبت للجامعة ليس عندي أي تركيز وصداع وإذا رجعت نمت وتلخبط يومي كله والله والله إنني لا أبالغ أن هذا كان حالي خمس سنوات عذاب بسبب المدارس لأن نومي صعب جدا, ويا ليت أحدا منهم يقدر لي هذا الشيء زوجي أو أولاده, علما أنني آخذ تكسي عندما أروح للجامعة وعلى حسابي، فهل في تصرفات زوجي كلها عدل ـ عدم جلوسه معي, وعدم تحمله نفقاتي وحرماني من أن أعيد معه؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالواجب: على الزوج أن يعدل بين زوجاته في القسم، ويوفي كل زوجة حقها وينفق عليها بالمعروف، والراجح عندنا أنّ النفقة الواجبة للزوجة على زوجها هي قدر الكفاية بالمعروف اعتبارا بحال الزوجين، وانظري بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 105673.

فإذا كان زوجك ينفق عليك النفقة الواجبة فلا حق لك فيما زاد عن الواجب كنفقات الجامعة وغيرها إلا أن يتبرع به الزوج، ولا يجب عليه التسوية بينك وبين الزوجة الأخرى في النفقة، قال ابن قدامة: وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن، قال أحمد في الرجل له امرأتان: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والكسى إذا كانت الأخرى في كفاية ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه وتكون تلك في كفاية. اهـ

والعدل الواجب على الزوج في القسم بين الزوجات يكون في المبيت وهو وإن كان عماده الليل إلا أن النهار يدخل تبعا، قال ابن قدامة: والنهار يدخل في القسم تبعا لليل. اهـ

لكن يجوز للزوج أن يدخل على الزوجة في غير نوبتها نهارا للحاجة، قال ابن قدامة: وأما الدخول في النهار إلى المرأة في يوم غيرها فيجوز للحاجة من دفع النفقة أو عيادة أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته أو زيارتها لبعد عهده ونحو ذلك، لما روت عَائِشَةُ قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا..وأما دخوله لغير حاجة فغير جائز، قال في الإقناع: وكذا يحرم دخوله نهارا إلى غيرها إلا لحاجة.

ويوم العيد كغيره من الأيام يقضيه الزوج عند صاحبة النوبة، كما بيناه في الفتوى رقم: 80021.

فإن كان زوجك لا يعدل بينك وبين زوجته الأخرى فلتتفاهمي معه وتبيني له وجوب العدل وتحريم تفضيل زوجة على أخرى، وينبغي أن تهوني الأمر على نفسك وتنظري إلى الجوانب الطيبة في زوجك وتتغاضي عن هفواته وزلاته حتى تدوم بينكما المودة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني