الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج أم سداد أموال أخذها من أصحابها بغير حق

السؤال

قبل الالتزام كنت قد وقعت في سرقة أشياء من أقاربي، وأنا الآن أحاول أن أجمع مالا لكي أرد لهم ثمن مسروقاتهم، أو أعمل به مشروعا أسدد به هذا الدين. وأهلي يلحون علي لخطبة إحدى الفتيات، يرونها مناسبة، وهي على علم، وختمت القرآن. نحسبها كذلك ولا نزكيها على الله. فماذا أفعل أأقدم على الزواج؟ لكني في حيرة من أمري! أنا الآن لا أستطيع أن أرد الدين. فماذا بعد الزواج؟ وكلما صرفت مالا في طعام، أو ملبس أحس أني مقصر في رد المظلمة. فما العمل؟ أرجو الإجابة. ولكم الشكر. وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الواجب عليك أولا أن تخلص التوبة إلى الله تعالى مما ارتكبت من السرقة، فتندم على ما صدر منك، وتعزم على عدم العود إلى هذا الفعل فيما تبقى من العمر.

ثم إن هذه المسروقات إن كانت أعيانها غير موجودة، فقد ترتبت قيمها لأصحابها دينا في ذمتك، يجب عليك سدادها متى استطعت إلى ذلك سبيلا، وما دمت لم توسر بها فلا إثم عليك في التأخير، وإذا أنت أيسرت بها فتمكنت من ردها فيجب عليك، وإذا كنت تخشى فضيحة، أو رذيلة، أو ضررا في ردها إليهم بشكل مباشر، فلك أن تحتال في إيصالها لهم بأي وجه كإعطائها لهم على سبيل الهدية أو غير ذلك، لأن العبرة بوصول الحق إلى يد صاحبه. وراجع الفتوى رقم: 135759 .

وبالنسبة لأمر الزواج، فإن كنت تستطيع أن تجمع بينه وبين تسديد هذه الديون فذلك الأولى، وإن تعذر ذلك فأداء هذه الحقوق مقدم لأنه واجب على الفور.

قال في الفروع: والواجب في المال الحرام التوبة، وإخراجه على الفور بدفعه إلى صاحبه أو وارثه، فإن لم يعرفه، أو عجز، دفعه إلى الحاكم.. ومتى تمادى ببقائه بيده تصرف فيه أو لا، عظم إثمه. اهـ.

وإن كنت تخشى العنت بتأخير النكاح، ولم تستطع دفعه بالصوم، فتجب عليك المبادرة إلى الزواج، وتقديمه على سداد الديون حفظا للدين، فقد نص المالكية على وجوب النكاح على من يخاف الوقوع في الزنا ولو أدى ذلك إلى الكسب المحرم، وهذه المسألة بالحكم أولى.

قال عليش في مواهب الجليل: فالراغب إن خشي العنت وعجز عن التسري، ولم يكفه الصوم، يجب عليه التزوج ولو أدى للإنفاق من كسب حرام، أو مقتضى التحريم غيره. اهـ

وراجع الفتوى رقم: 52356 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني