الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في شركة تبيع برامج فيها عيوب، وحكم التحذير منها

السؤال

أعمل في إصلاح برامج الكمبيوتر لشركة صاحبها يغش الزبائن عند البيع لهم, فشركته قائمة على بيع برامج الكمبيوتر، ‏لكنه لا يفهم في تصنيع البرامج، لذلك يأتي بمبرمجين بدون خبرة لينفذوا له طلبات الزبائن, وهو يأتي بمبرمجين بدون ‏خبرة ليكون مرتبهم ضعيفا، ويقلل مصاريفه, ولأنه لا يفهم في تصنيع البرامج، فقد يأتي بمبرمج ليصلح شيئا واحدا ‏فيفسد معه 10 أشياء بدون علم صاحب العمل, كما أنه لضعف الرواتب التي يدفعها، ولسوء خلقه فكل مبرمج يأتي ‏للعمل لا يمكث معه إلا قليلا ثم يترك العمل, وهكذا تتراكم وتتنوع مشاكل البرامج التي يبيعها، لكنه عند بيع برامجه ‏يصفها بأجمل الأوصاف، ويصفها بأوصاف غير موجوده فيها، وبالتالي يشتري منه الزبائن, وبعد ذلك كل ما تظهر ‏مشكلة عند أحد الزبائن يطلب مني إصلاحها له، ولا يأخذ من الزبون مقابل الإصلاح طوال مدة الضمان، حتى إذا ما ‏انقضت مدة الضمان يرفض إصلاح أي شيء للزبائن إلا إذا دفعوا مقابل ذلك، رغم أن كثيرا من هذه المشاكل تعتبر ‏عيوبا في الصناعة, وفي ذات الوقت قد يصادف بيعه برنامجا لأحد الزبائن وجود مبرمج جيد في الشركة فينفذ ‏للزبون العمل المطلوب, وقد يكتشف أمره مبكراً زبون آخر، وأن برامجه مليئة بالمشكلات التي تفسد عمله، فيطلب رد ‏ما دفع للشركة، فيتشاجران هو وصاحب الشركة، وبعد ذلك قد يرد له صاحب الشركة نصف ما دفع، أو قد ييأس الزبون ‏من مطالبته بماله فيرضي بالأمر الواقع, فيختلف رد الفعل من زبون لآخر، فهناك زبائن آخرون لا يفهمون في الكمبيوتر، و‏بالتالي فهم لا يعلمون إن كان البرنامج يخرج نتائج صحيحة أم لا, وهناك زبائن آخرون يشترون البرنامج كمظهر فقط ‏لكنهم لا يكترثون بما يخرج من نتائج, وهناك زبائن يعملون على جزء صغير من البرنامج فقط، فإن كان هذا الجزء يعمل ‏بكفاءة فلا يهمهم عمل باقي أجزاء البرنامج, وهناك زبائن آخرون يشترون البرنامج ثم ينشغلون عنه ولا يوجد لديهم ‏وقت لتعلمه وتشغيله، أو يحدث عندهم بعض المشكلات فيتصلون بنا لحلها، فنتأخر عليهم، فيملون من العمل على ‏البرنامج.
فهل عملي في إصلاح برامج هذه الشركة، أو تنفيذ طلبات زبائنها جائز شرعاً ؟
وإن طلب مني أحد عملاء ‏هذه الشركة أن أعمل له برنامجا جديدا بدلا من برنامج الشركة المليء بالمشكلات. فهل يجوز لي ذلك، علما بأني لا ‏أستطيع إخبار صاحب الشركة لأنه إنسان مؤذ وقد يضرني كثيراً. وإن ذهبت أنا لعملاء هذه الشركة لأعرض ‏عليهم العمل معي وترك الشركة، وبينت لهم عيوب برامج الشركة.
فهل يجوز لي ذلك ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعليك أن تنصح صاحب الشركة هذا ومن يعينه من الموظفين فيها، بأن يتقوا الله تعالى، ويتوبوا إليه من هذا العمل القبيح، والكسب الخبيث، ولا يجوز لك السكوت على هذا المنكر ولا المشاركة فيه.

وأما إصلاح البرامج التي يردها الزبائن لعيب فيها فلا باس فيه.

وإذا لم يرتدع صاحب الشركة عن غشه، ولم تستطع الإنكار عليه وتبيين العيوب للناس، فلا تحضر مجلس الغش والتزوير، وابحث عن عمل آخر، واعلم أن تركك له سبب لأن يرزقك الله خيراً منه.

وأما تصرفك في أموال الشركة بعمل برامج بدون إذن صاحبها فلا يجوز؛ ولا يجوز لك أن تعمل في أثناء دوامك لمصلحة نفسك. وأما في غير دوامك الرسمي فلا حرج أن تقصد من شئت لتعرض عليهم عملك، وتنبيه زبائن الشركة للغش الحاصل مطلوب كما تقدم .
واعلم أنه كما لا يجوز لصاحب الشركة خيانة الناس، لا يجوز لك أنت خيانته والتصرف في ماله بدون إذنه؛ لكن إذا اتفق صاحب الشركة مع الزبون على برنامج وأراد منك أن تغش فيه فلا تفعل، وافعل ما تم الاتفاق عليه صحيحا سليما، ولا تخبر صاحب الشركة، فإنك إنما تقوم بما تم الإتفاق عليه فحسب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني