الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ملاحظات حول كتاب (هرمجدون)

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأرجو المعذرة حيث أنني أرسل سؤالي هذا للمرة الثانية لأننى قد فقدت رقم السؤال، وسؤالي هو: يوجد في الأسواق هذه الأيام كتاب اسمه هرمجدون آخر بيان يا أمة الإسلام ويصدق الناس ما جاء فيهويعلقون أمور دنياهم انتظارا لما سوف يحدث.ما رأيكم في هذا الكتاب وما جاء فيه من أحاديث؟ وهل حديث أبي هريرة صفحة رقم 39 الذى يخبر فيهعن عبد الناصر والسادات وحروبهم ضد اليهود هل هذا الحديث صحيح؟ وغيره من الأحاديث التي ذكرهاالكتاب الموجودة في الكتاب خانة باستانبول؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.والسلام عليكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الأحاديث الواردة في المهدي كثيرة، عدها أهل العلم من المتواتر المعنوي.
قال ابن القيم في كتابه المنيف (1/141): قال أبو الحسن الآبري في كتابه منافب الشافعي: وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يؤم الأرض عدلاً، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال، وأنه يؤم هذه الأمة، ويصلي عيسى خلفه.
ثم ذكر ابن القيم ما رواه أبو داود والترمذي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الدنيا عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
ثم قال: قال الترمذي: حسن صحيح، وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة ثم روى حديث أبي هريرة، وقال: حسن صحيح. انتهى
قال ابن القيم: وفي الباب عن حذيفة وأبي أمامة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو وثوبان وأنس وجابر وابن عباس وغيرهم.
أما معركة هرجمدن فراجع الفتوى رقم: 11387.
وأما عن الكتاب المشار إليه (هرمجدون) لمؤلفه أمين محمد جمال الدين، فإنه قد أورد أحاديث وآثارا كثيرة، وكذا تحاليل وتنبؤات، ولنا عليه ملاحظات:
فمنها: إيراده لكثير من الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة، وعدم الالتفات إلى أسانيدها، مع اعتماده عليها واستدلاله بها.
ومنها: اعتماده على نقول عن مخطوطات لا يعرف مؤلفوها، ولا صحة نسبتها إليهم.
ومنها: تحديده لخروج المهدي بأنه سيتم بعد سنتين أو ثلاث، وهذا التحديد لا دليل عليه.
ومنها: جزمه بأشياء كان ينبغي أن يقول فيها: يحتمل أن يكون كذا، ويحتمل أن يكون فلان هو كذا.
ومنها: الاعتماد على تكهنات اليهود وكتبهم تنبؤاتهم.
ومنها: ترتيبه للأحداث في آخر الزمان، وجزمه بذلك مع أنه لا دليل على هذا الترتيب.
وعلى العموم، فإن المهدي سيخرج، ولكن لا علم لأحد إلا الله بوقت خروجه، ولا يعلم الغيب أحد إلا الله، ونحن مطلوب منا أن نعمل ونخدم الدين، فإن جاء المهدي فنحن -إن شاء الله- من جنوده، وإن لم يأت فإننا ماضون على الطريق.
ونلفت النظر إلى أن الصحابة نزل عليهم قوله تعالى: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر:45]. وهم في مكة، ولكن ذلك لم يكن مدعاة لهم للقعود عن العمل ولا السؤال عن زمن ذلك، حتى تحقق ذلك في السنة الثانية من الهجرة في غزوة بدر.
نسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمراً رشداً، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني