الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

هل يجوز للزوج منع زوجته من الخروج من منزل الزوجية عن طريق الضرب ؟ وهل خروج الزوجة من منزل الزوجية بدون إذن وعلم الزوج، وإنكارها الخروج يبيح للزوج ضربها ؟ وما هي الأسباب التي يحق فيها للزوج ضرب زوجته ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فخروج الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه - لغير ضرورة - نشوز.

قال الخطيب الشربيني: وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ، وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا. الإقناع للشربيني. وانظر الفتوى رقم: 95195.

لكن الضرب لا يكون إلا بعد الوعظ والهجر في المضطجع وعدم إفادتهما.

قال الحجاوي (الحنبلي): إذا ظهر منها أمارات النشوز ..... وعظها، فإن رجعت إلى الطاعة والأدب، حرم الهجر والضرب، وإن أصرت وأظهرت النشوز: بأن عصته وامتنعت من إجابته إلى الفراش، أو خرجت من بيته بغير إذنه ونحو ذلك، هجرها في المضجع ما شاء، وفي الكلام ثلاثة أيام لا فوقها. فإن أصرت ولم ترتدع، فله أن يضربها، فيكون الضرب بعد الهجر في الفراش وتركها من الكلام ضربا غير مبرح أي غير شديد، ويجتنب الوجه والبطن والمواضع المخوفة والمستحسنة. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل.
وأما الأحوال التي يجوز فيها للزوج ضرب زوجته (بضوابطه) فهي النشوز وما يلحق به من إساءة للزوج.

جاء في المحيط البرهاني في الفقه النعماني: ذكر في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله أن للزوج أن يضرب امرأته على أربع خصال وما هو في معنى الأربع: أحدهما على ترك الزينة لزوجها، والزوج يريدها. والثانية: على ترك الإجابة إذا دعاها إلى فراشه. والثالثة: على ترك الصلاة وعلى ترك الغسل. الرابعة: على الخروج من المنزل.

قال ابن نجيم (رحمه الله): ومما في معناها ما إذا ضربت جارية زوجها غيرة ... ويلحق به ما إذا ضربت الولد الذي لا يعقل عند بكائه ... ومنه ما إذا شتمته أو مزقت ثيابه، أو أخذت لحيته، أو قالت له يا حمار يا أبله أو لعنته ... ومنه ما إذا شتمت أجنبيا ومنه ما إذا كشفت وجهها لغير محرم أو كلمت أجنبيا ...... ومنه ما إذا أعطت من بيته شيئا من الطعام بلا إذنه إن كانت العادة لم تجر به. البحر الرائق شرح كنز الدقائق باختصار.

وقال النووي (رحمه الله): فَرْعٌ فِيمَا تَصِيرُ بِهِ نَاشِزَةً: فَمِنْهُ الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْكَنِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ مُسَاكَنَتِهِ، وَمَنْعُ الِاسْتِمْتَاعِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ فِي رَدِّهَا إِلَى الطَّاعَةِ إِلَى تَعَبٍ، وَلَا أَثَرَ لِامْتِنَاعِ الدَّلَالِ، وَلَيْسَ مِنَ النُّشُوزِ الشَّتْمُ وَبَذَاءُ اللِّسَانِ، لَكِنَّهَا تَأْثَمُ بِإِيذَائِهِ، وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ، وَهَلْ يُؤَدِّبُهَا الزَّوْجُ، أَمْ يَرْفَعُ إِلَى الْقَاضِي لِيُؤَدِّبَهَا؟ وَجْهَانِ. وَلَوْ مَكَّنَتْ مِنَ الْجِمَاعِ وَمَنَعَتْ مِنْ سَائِرِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، فَهَلْ هُوَ نُشُوزٌ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ؟ وَجْهَانِ. قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا نَعَمْ. وَالْأَصَحُّ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي تَأْدِيبِهَا، أَنَّهُ يُؤَدِّبُهَا بِنَفْسِهِ. روضة الطالبين وعمدة المفتين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني