الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة التسابيح بين المضعفين والمصححين

السؤال

كنت أثق في موقعكم, ولكني بعد قرأت لكم فتوى عن صلاة التسابيح زالت الثقة؛ لأن بعض علماء الحديث قالوا: إنها غير صحيحة, وانظر الأحاديث الضعيفة والموضوعة - وحتى المكذوبة - للعلامة أبي إسحاق الحويني.
أسأل الله أن يهدينا وإياكم, وأنصحكم بالتأكد من الأحاديث قبل الفتوى - جزاكم الله خيرا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

فإننا نُؤَمِّنُ ابتداء على دعاء الأخ السائل لنا بالهداية, ونشكره على إسداء ما يراه نصيحة, إلا أننا ننبهه إلى أن الاختلاف في صلاة التسابيح هو من الاختلاف الذي تتسع له الصدور؛ لأن الحديث الوارد فيها - وإن كان ضعفه بعض العلماء - فإنه قد صححه أيضًا جمع من أهل العلم - منهم الألباني رحمه الله تعالى - فقد قال رحمه الله تعالى: حديث صلاة التسابيح فإنه قد تبين بعد تتبع طرقه أنه ليس له إسناد ثابت, ولكنه صحيح بمجموع طرقه, وقد صححه - أو على الأقل حسنه - جمع من الحفاظ: كالآجري, وابن منده, والخطيب, وأبي بكر السمعاني, والمنذري, وابن الصلاح, والنووي, والسبكي, وغيرهم, ومنهم البيهقي, فقد ساقه في شعب الإيمان بإسناد ضعيف من حديث أبي رافع, ثم قال: وكان عبد الله بن المبارك يفعلها, وتداولها الصالحون بعضهم من بعض, وفيه تقوية للحديث المرفوع ... وسبقه إلى هذا الحاكم فقال في المستدرك: ومما يستدل به على صحة هذا الحديث استعمال الأئمة من أتباع التابعين إلى عصرنا هذا إياه, ومواظبتهم عليه, وتعليمه للناس, ومنهم: عبد الله بن المبارك .... ولا يتهم عبد الله أن يعلم ما لم يصح عنده, ووافقه الذهبي, وقلت: ومن كلام هؤلاء الأئمة الأعلام في إثبات هذا الأصل العظيم - ألا وهو تقوية الحديث بالطرق والشواهد - وتطبيقهم إياه في النماذج المذكورة فهو أكبر دليل على جهل هؤلاء المضعفين لهذا الحديث ... اهـ كلامه - رحمه الله تعالى - .

وحديث صلاة التسابيح صححه أيضًا سراج الدين البلقيني، والحافظ العلائي، وبدر الدين الزركشي, وصححه أيضًا الدارقطني، والخطيب البغدادي، وأبو موسى المديني, وكلٌ ألف فيه جزءًا، وأبو بكر بن أبي داود، والسيوطي، والحافظ ابن حجر, وانظر الفتوى رقم: 68015 فقد ذكرنا فيها أن الإمام أحمد ورد عنه ما يدل على تراجعه عن تضعيف حديثها, فلا ندري هل ستزول ثقة الأخ السائل بهؤلاء الجبال؟!

ونحن وإن كنا لا تهمنا كثيرًا ثقة من ليس من أهل العلم بنا، إلا أننا ننصحهم بالاجتهاد في طلب العلم, وأن يعلموا أن الدين ليس محصورًا في آراء من يقلدونهم من العلماء الأفاضل, فيجعلون ما سمعوه منهم هو الحق المبين, وما خالفه هو الضلال المبين الذي تنزع الثقة ممن قال به!!.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني