الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حد الضرورة التي تبيح الاقتراض بالربا

السؤال

أمتلك صيدلية بالإيجار, وقد قمت بشراء صيدلية أخرى, ولزم عليّ إنهاء أوراقها وإجراءاتها خلال أربعة أشهر, وإلا ستصبح الرخصة ملغية, وعليّ ديون - ما يعادل مائة ألف جنيه - وأحتاج أن أفتح الصيدلية وأضع فيها أدوية بمائتي ألف تقريبًا, وأمتلك ذهبًا زنته 200جرام - خمسين ألف جنيه تقريبًا - ولكنه لا يكفي لفتح الصيدلية وإنهاء إجراءاتها خلال المدة المطلوبة, وقد عرض عليّ البنك قرضًا قدره مائة ألف جنيه تقريبًا تسدد 10500خلال سنة, وهو السبيل المتاح أمامي حتي أنهي الإجراءات إلى الآن, ولا يوجد أي مصدر آخر, والوقت أمامي ضيق, فهل الضرورة في هذه الحالة تبيح المحظور – القرض -؟ أرجو الإفادة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ضرورة فيما ذكرت حتى يباح لك تقحم الربا وارتكاب المحظور, فالضرورة كما في نظرية الضرورة الشرعية: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر أو المشقة الشديدة، بحيث يخاف حدوث ضرر. أو أذى بالنفس أو بالعضو - أي عضو من أعضاء النفس - أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، وتوابعها, ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعًا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى .

وقال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا، فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة أو بناء المنزل ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات, أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبر عنها بالضرورة والاضطرار, ويستقرض لها المرابون آلافًا من الليرات لا وزن لها ولا قيمة في نظر الشريعة... انتهى.

والربا كبيرة من أعظم كبائر الذنوب، وقد جاء فيه من الوعيد ما لم يأت في غيره من الذنوب، حيث توعد الله مرتكبه بالحرب، وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بحلول اللعنة على آكل الربا وموكله، وفي ذلك ترهيب عظيم من الوقوع في هذا المنكر، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:279}. وروى مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.

فاتق الله تعالى, ولا تقدم على الاقتراض بالربا ، والبدائل المشروعة كثيرة لمن طلبها وتحراها- ومن يتق الله يجعل له مخرجًا -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني