الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الدعاء الوارد عن جعفر الصادق

السؤال

ما حكم الدعاء ب: "اللَّهُمَّ احْرُسْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنَامُ، وَاكْنُفْنِي بِرُكْنِكَ الَّذِي لا يُرَامُ، وَاغْفِرْ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيَّ، وَلا أَهْلِكُ وَأَنْتَ رَجَائِي، رَبِّ كَمْ مِنْ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ، قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا شُكْرِي، وَكَمْ مِنْ بَلِيَّةٍ ابْتَلَيْتَنِي بِهَا، قَلَّ لَكَ عِنْدَهَا صَبْرَى. فَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ نِعَمِهِ شُكْرِي، فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَيَا مَنْ قَلَّ عِنْدَ بَلِيَّتِهِ صَبْرَى، فَلَمْ يَخْذُلْنِي، وَيَا مَنْ رَآنِي عَلَى الْخَطَايَا فَلَمْ يَفْضَحْنِي، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ الَّذِي لا يَنْقَضِي أَبَدًا، وَيَا ذَا النِّعَمِ الَّتِي لا تُحْصَى أَبَدًا، أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَبِكَ أَدْرَأُ فِي نَحْرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى دِينِي بِدُنْيَايَ، وَعَلَى آخِرَتِي بِتَقْوَايَ، وَاحْفَظْنِي فِيمَا غِبْتُ عَنْهُ، وَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي فِيمَا حَضَرَتْهُ، يَا مَنْ لا تَضُرُّهُ الذُّنُوبُ، وَلا تَنْقُصُهُ الْمَغْفِرَةُ، اغْفِرْ لِي مَالا يَضُرُّكَ، وَأَعْطِنِي مَالا يَنْقُصُكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، أَسْأَلُكَ فَرَجًا قَرِيبًا، وَصَبْرًا جَمِيلا ، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَالْعَافِيَةَ مِنْ جَمِيعِ الْبَلاءِ، وَشُكْرَ الْعَافِيَةِ .
وما معنى "وَبِكَ أَدْرَأُ فِي نَحْرِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ" ؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا الدعاء لا يثبت مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ورد عن جعفر بن محمد المشهور بجعفر الصادق، كما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتابه " الفرج بعد الشدة " عن الفضل بن الربيع، قال: حدثني أبي قال: حج أبو جعفر سنة سبع وأربعين ومائة، فقدم المدينة، فقال: ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتيني به تعبا، قتلني الله إن لم أقتله، فأمسكت عنه رجاء أن ينساه، فأغلظ لي في الثانية، فقلت: جعفر بن محمد بالباب يا أمير المؤمنين، قال: ائذن له، فأذنت له، فدخل فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال: لا سلم الله عليك يا عدو الله، تلحد في سلطاني، وتبغيني الغوائل في ملكي، قتلني الله إن لم أقتلك، قال جعفر: يا أمير المؤمنين، إن سليمان أعطي فشكر، وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت أسمح من ذلك. فنكس طويلا ثم رفع رأسه، فقال: إلي وعندي يا أبا عبد الله، البريء الساحة، والسليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما يجزي ذوي الأرحام عن أرحامهم، ثم تناول بيده فأجلسه معه على مفرشه، ثم قال: يا غلام، علي بالمنفحة - والمنفحة: مدهن كبير فيه غالية - فأتي به، فغلفه بيده حتى خلت لحيته قاطرة، ثم قال له: في حفظ الله وكلاءته. يا ربيع، ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته، فانصرف، فلحقته، فقلت: إني قد رأيت قبل ذلك ما لم تر، ورأيت بعد ذلك ما قد رأيت، رأيتك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟ قال: نعم، إنك رجل منا أهل البيت، ولك محبة وود، قلت: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك علي، ولا أهلك وأنت رجائي، رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبرى، فيا من قل عند نعمه شكري فلم يحرمني، ويا من قل عند بليته صبري فلم يخذلني، ويا من رآني على الخطايا فلم يفضحني، يا ذا المعروف الذي لا ينقضي أبدا، ويا ذا النعم التي لا تحصى أبدا، أسألك أن تصلي على محمد وعلى آل محمد، وبك أدرأ في نحره، وأعوذ بك من شره، اللهم أعني على ديني بدنياي، وعلى آخرتي بتقواي، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي فيما حضرته، يا من لا تضره الذنوب ولا تنقصه المغفرة، اغفر لي ما لا يضرك، وأعطني ما لا ينقصك، إنك أنت الوهاب، أسألك فرجا قريبا، وصبرا جميلا، ورزقا واسعا، والعافية من جميع البلاء، وشكر العافية . وأخرجه ابن عساكر.

ولا يظهر مانع من الدعاء بهذه الدعوات.

وجملة "وبك أدرأ في نحره، وأعوذ بك من شره "،قد صح الدعاء بمعناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن أبي موسى أن النبي صلى عليه وسلم كان إذا خاف قوما، قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم. أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم .

قال العيني: قوله: " نجعلك في نحورهم " يقال: جعلتُ فلانا في نحر العدو، أي: قبالته وحذاءه, وتخصيص النحر بالذكر لأن العدو يستقبل بنحره عند المناهضة للقتال، والمعنى: نسألك أن تتولانا في الجهة التي يُريدون أن يأتونا منها، ونتوقى بك عما يواجهوننا به، فأنت الذي تدفع شرورهم، وتكفينا أمرهم، وتحولُ بيننا وبينهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني