الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وأم وابن وبنتين وإخوة وأخوات وأبناء الأخ وأوصى بوصايا

السؤال

الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال:
(ابن) العدد 1
(أخ شقيق) العدد 4
(ابن أخ شقيق) العدد 18
-للميت ورثة من النساء:
(أم )
(بنت) العدد 2
(زوجة) العدد 1
(أخت شقيقة) العدد 4
- وصية تركها الميت تتعلق بتركته، هي:
الوصية (80) ألف دولار:
25 بالمئة للولد
25 بالمئة للبنت
25 بالمئة للبنت الثانية
25 بالمئة للزوجة
وقد ترك بيتًا في دولة عربية, وقد أوصى - رحمه الله - شفهيًا أمام بناته وزوجته وناس آخرين أن تعيش فيه زوجته لحين وفاتها, وترك بيتًا آخر في دولة أجنبية ولم يوص عليه.
- إضافات أخرى:
أولاده متعلمون تعليمًا عاليًا, وبناته متزوجات, وقد أهدت كل بنت حصتها لأخيها وزوجة أبيها, أي أن المبلغ قسم بالتساوي بين الابن والزوجة, علمًا أن زوجته هذه هي الثانية, وأم الأولاد متوفاة - رحمها الله – وللزوجة - حسب قانون هذه الدولة - في البيت الثاني حصة كبيرة, لكنها لا تريد شيئًا, وتقول: إن هذا البيت سوف يبقى لابنه, علمًا أن الأولاد يعاملون زوجة أبيهم معاملة جيدة, وهي بالمثل تعاملهم كأنهم أولادها, وأم المتوفى - رحمه الله - تطالب بحقها من المبلغ الموصى به من الزوجة, مع أنها تعيش في بلد أجنبي, ولها راتب جيد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الورثة محصورين فيمن ذكر: فللزوجة الثمن فرضًا لوجود فرع وارث, قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:12}، وللأم السدس فرضًا لوجود فرع وارث, إضافة إلى جمع من الإخوة والأخوات, قال تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}، والباقي للابن والبنتين: للذكر مثل حظ الأنثيين, وتقسم التركة على ست وتسعين سهمًا: للزوجة: ثمنها - اثنا عشر سهمًا - وللأم: سدسها - ستة عشر سهمًا - وللابن: أربع وثلاثون سهمًا, ولكل بنت: سبعة عشر سهمًا, ولا شيء للإخوة والأخوات وأبناء الأخ, فالجميع محجوبون حجب حرمان لوجود الابن.

وبخصوص وصية الميت فإنها تخرج من تركته قبل قسمها؛ لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}.

ويجدر التنبيه على أن الميت هنا قد أوصى بوصيتين كلتاهما وصية لوارث, وبيان الحكم في ذلك كما يلي:

1ـ من المعلوم أن الوصية لوارث لا تمضي إلا إذا أجازها باقي الورثة, جاء في المغني لابن قدامة: وجملة ذلك أن الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية، فلم يجزها سائر الورثة، لم تصح بغير خلاف بين العلماء. انتهى

2ـ الوصية الأولى كانت بمبلغ معين لكل من الزوجة والابن والبنتين, وقد ذكرت السائلة أن البنتين قد وهبتا نصيبهما من الوصية لأخيهما وزوجة أبيهما, وهذا دليل على أن هاتين البنتين قد أمضتا وصية أبيهما فيما يتعلق بالزوجة والابن.

أما الأم فهي غير راضية بتنفيذ الوصية المتعلقة بالزوجة ـ كما ذكرت السائلة ـ وبالتالي: فلها أن تأخذ سدس المبلغ الموصى به لهذه الزوجة, أما الوصية المتعلقة بالابن والبنتين فإن كانت هذه الأم قد أمضتها فهي نافذة للجميع.

3ـ وصية الأب بإبقاء زوجته في بيته مدة عمرها يتوقف تنفيذها على إجازة جميع الورثة, فإن أمضوها فهي نافذة, وإن ردوها بطلت, وكون الوصية هنا بمنفعة عين مدة مجهولة لا يجعلها باطلة عند بعض أهل العلم, جاء في نهاية المطلب للجويني: وإن أوصى الموصي بمنفعة عينٍ أبدًا، فالوصية صحيحة، لم يختلف في صحتها علماؤنا, وإن قال قائل: إنها مجهولة، فالجهل لا ينافي صحة الوصية. انتهى

4ـ البيت الثاني الذي يملكه الميت في دولة أجنبية يعتبر من جملة التركة, يقسم بين الورثة, وكون الزوجة تملك منه جزءًا كبيرًا طبقًا لقوانين تلك الدولة لا يغير شيئًا من الحكم الشرعي, فالزوجة لا حق لها فيما زاد على الفريضة الواردة في كتاب الله تعالى, وهي ثمن التركة - كما ذكرنا -.

ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدًّا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقًا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقًا لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني