الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الذنوب في حق الله وحقوق العباد

السؤال

أولا بارك الله في جهودكم الجبارة من أجل هداية الخلق، وإن شاء الله في ميزان حسناتكم: مشكلتي بدأت منذ الطفولة عندما تعرفت على أصدقاء وجروني إلى الكثير من المعاصي مثل السرقة والكذب والعادة السرية وتضييع الصلوات والتهاون فيها، وكبرت وصار عندي24 سنة وتعرفت على أصدقاء محترمين ولكن ما زال عندي بعد من بقايا الماضي فما زلت أمارس العادة وأحيانا أسرق وأتهاون في الصلوات وأحيانا تمر علي أيام لا أصلي فيها، وأحيانا أتوب وأعود للمعاصي، وقبل أيام تعرضت لهزة نفسية كبيرة حيث سرقت مبلغا من صديق لي رغم عدم حاجتي إليه واضطررت على حلف اليمين المغلظة أنني لم أسرق خوفا من الفضيحة، وسترني الله عز وجل حيث كان هناك أكثر من طريقة لكشف الموضوع وتم طي الموضوع، ولكنني كنت أموت من الداخل خجلا وخوفا من الله ومن هذه اليمين المغلظة، فقررت قرارا عازما أن أتوب وأن أقلع عن المعاصي وأن أجاهد نفسي وأتوب توبة نصوحا ـ إن شاء الله ـ والمشكلة أنني أكاد أموت من الخجل من الله عز وجل والخوف منه، وهناك وساوس وهلوسات، والآن قررت وماض في قراري ـ إن شاء الله ـ أن أتوب إلى الله وأترك كل المعاصي وسأل إن كان هناك ما يساعدني على تقوية إيماني وبث الطمأنينية في قلبي، فقبل السرقة الأخيرة كنت غافلا، والآن الله أعلم بحالي، وماذا عن السرقات؟ فهناك من أعرفهم وأعرف قيمة السرقات، وهناك من لا أتذكرهم ولا أعرف قيمة المسروقات، وحتى الذين أعرفهم بعضهم لا أستطيع أن أصارحه بالموضوع خشية الفضيحة وسوء السمعة، ولا أدري ماذا أفعل؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم ـ هداك الله ـ أن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها، ومهما كان الذنب عظيما، فإن عفو الله تعالى ورحمته أعظم، قال جل اسمه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.

فما كان من الذنوب متعلقا بحق الله تعالى فيكفيك أن تقلع عنه فورا مع الندم على ما اقترفته والعزم على عدم العودة إليه، وأما ما يتعلق بحقوق العباد فيجب عليك أن ترد إليهم كل ما أخذته منهم بغير وجه حق، ولا يشترط أن تخبر بأنك سرقت، بل لك أن تتحيل في توصيل الحق لصاحبه بما أمكن من الحيل، والمقصود أن تصل تلك الحقوق لأصحابها، وانظر الفتوى رقم: 139763.

وما جهلت صاحبه ولم يمكنك التوصل إليه فإنك تتصدق به على الفقراء والمساكين أو تجعله في مصالح المسلمين، وما جهلت مقداره من تلك الحقوق فإنك تتحرى فتخرج ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، وأما وسائل تقوية الإيمان والثبات على التوبة والاستقامة: فقد تكلمنا عنها في فتاوى كثيرة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 193643، 78152، 60962.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني