الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مرض وشك هل أفطر أم لم يفطر؟

السؤال

كنت في ما مضى أصوم رمضان دون صلاة، وذلك منذ أن بلغت الحلم سنة 1999، ومنذ ذلك الوقت وأنا أصوم دون صلاة وقلما أصلي
وكنت أحتلم ولا أغتسل من الجنابة حتى تمر صلاة الظهر، أما الجنابة غير الشرعية فلا أغتسل منها حتى صلاة الظهر، فهل صيامي صحيح؟ وهل علي قضاء، بما أنني ولله الحمد التزمت بدين الله سبحانه؟ ثم ذهبت يوما للحمام المغربي، فلما عدت أصابني العطش فشربت، فهل علي قضاء؟ وكنت قد مرضت ولم أعد أعلم هل أفطرت أم لا؟ ولا أعرف ماذا علي من الصيام؟ ولله الحمد الآن التحقت بسفينة النجاة وحافظت على صلاتي وأحاول جاهدا صيام السنن ـ الاثنين والخميس والبيض ـ فما العمل؟ وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فأما عن صحة صيامك مع عدم الصلاة: فإن هذا ينبني على حكم تارك الصلاة كسلا، فمن قال إن تارك الصلاة كسلا كافر فإن صيامك لا يصح ولا تطالب بقضائه الآن، لأن الكافر إذا أسلم لم يطالب بقضاء الصيام, وعلى القول بأن تارك الصلاة كسلا ليس بكافر ـ وهو القول الذي نفتي به ـ فإن صيامك صحيح ويلزمك قضاء تلك الصلوات التي تركتها في قول جمهور أهل العلم، وصلاتك وأنت جنب لا تصح أيضا، لأن الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط لصحة الصلاة فيلزمك قضاء تلك الصلوات التي صليتها وأنت جنب، وشربك وأنت صائم مفسد للصوم ويلزمك قضاء ذلك اليوم، ولا إثم عليك في الشرب إن بلغ بك العطش مبلغا خشيت فيه على نفسك، وأما إن كان عطشا معتادا فإنك تأثم بالشرب فيه وتلزمك التوبة مع القضاء.

وقولك إنك مرضت ولم تدر هل أفطرت أم لا؟ جوابه أنك إن كنت تقصد أنك شرعت في صيام اليوم الذي مرضت فيه وشككت هل أفطرت أم لا؟ فإنك لا تطالب بقضاء ذلك اليوم، لأن الأصل أنك صائم، وهذا متيقن والفطر مشكوك فيه، ومن المعلوم أن اليقين لا يزول بالشك, وأما إن كان القصد أنك لا تعلم هل شرعت أصلا في صيام اليوم الذي مرضت فيه أم لا؟ فالأصل هو عدم الصيام وأن ذمتك لم تبرأ بعدُ, قال ابن رجب في قواعده: فَالصَّلَاةُ وَالطَّهَارَةُ وَنَحْوُهُمَا كُلٌّ مِنْهُمَا عِبَادَةٌ فَعَلَيْة مَطْلُوبَةُ الْوُجُودِ إذَا شَكَّ فِي فِعْلِ شَيْءٍ مِنْهَا فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، فَلَا يُخْرَجُ مِنْ عُهْدَتِهِ إلَّا بِيَقِينٍ... اهـ.

ومثله قول القرافي في الفروق: إذَا شَكَّ هَلْ صَامَ أَمْ لَا؟ وَجَبَ الصَّوْمُ... اهـ.

وعلى هذا؛ فإنك تطالب بقضاء اليوم الذي شككت في صيامه، لأن الأصل عدم صيامك، وانظر الفتوى رقم: 38087، عن صيام من لا يصلي بين الصحة والبطلان, والفتوى رقم: 164175، عن توبة تارك الصلاة، والفتوى رقم: 194137، عن كيف يقضي الفوائت من لا يعرف عددها, والفتوى رقم: 185467، عن حكم الفطر بسبب العطش.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني