السؤال
تقدم لخطبة صديقتي رجل ملتزم وذو أخلاق ودين فلم يرض أبوها التحدث معه بحجة أنها لا تزال صغيرة ـ 19 سنة ـ وأن أختيها لم تتزوجا وهما أكبر منها سنا، والحقيقة ـ كما جاءت على لسان أمها ـ أن الأب يحقد على الملتحين ويبغضهم، فحاولت البنت إقناع أبيها ولكن عبثا لمدة سنة تقريبا، والرجل صابر معها، ولديها أخ واحد حاول ضربه لينتهيا، فلم يستسلما، وبعد مدة عرض عليها الزواج على المذهب الحنفي الذي لا يشترط الولي ما دام عاضلا، وقبل الزواج بحثا وسألا وتأكدا أنه حلال واستخارا الله كثيرا ثم عقد عليها بحضور شاهدين ومهر واتفقا أن يؤجلا البناء حتى تتخرج وتتزوج أختاها ويحاولان من جديد إقناع الوالد ويعقد عليها مدنيا، فالعلاقة عفيفة بينهما ولكن المشكلة أن هذا الرجل لا ندري ما الذي دهاه حيث فاجأنا أنه اكتشف أن العقد باطل ويريد تركها حتى تتخرج ويطلبها من أبيها، فقل لنا سيدي هل هو باطل حقا؟ وهل يجب أن يطلقها؟ أم هي زوجته؟ وما العمل لإصلاح الخطأ؟ وأؤكد أن الأب والأخ يرفضان من غير حق وليس لها ولي غيرهما، وأنا مستعدة للتوضيح، وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا رغبت المرأة في الزواج من كفئها فلا حق لوليها في منعها من التزوج به، وإذا منعها كان عاضلا لها، لكن مع ذلك فالجمهور على أنه لا يجوز لها أن تتزوج دون ولي، وإنما يحق لها حينئذ رفع أمرها للقاضي الشرعي ليزوجها، أو يأمر وليها بتزويجها، وانظري الفتوى رقم: 32427.
لكن الإمام أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ يرى صحة تزويج المرأة الرشيدة نفسها.
وعليه؛ فهذا العقد الذي تم دون ولي عقد باطل عند الجمهور ـ وهو المفتى به عندنا ـ لكن ما دام مختلفا في صحته، فعلى الزوج أن يطلق، قال الرحيباني: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي عَقْدِ الْمُتْعَةِ وَفِيمَا حَكَمْنَا بِهِ أَنَّهُ كَمُتْعَةٍ كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
والخلاصة أن هذا العقد باطل عند الجمهور يجب فسخه أو التطليق منه، ثم لا حرج بعد ذلك في ابتداء عقد النكاح من جديد إذا أراد الزوجان ذلك بموافقة الولي الأصلي أو من يقيمه السلطان مقامه عند امتناعه، وانظري الفتويين رقم: 63279، ورقم: 22277.
والله أعلم.