الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الزوجة الطلاق لمسوّغ لا حرج فيه

السؤال

أنا متزوجة منذ ثمانية شهور, وزوجي مسافر للخارج, وقبل الزواج حصلت مشاكل كثيرة, واعتذر عنها وتأسف, ومن شدة افترائه عليّ قال لي يوم زفافي: سوف ألغي فرحك وأفضحك, وبالفعل لم يحضر الفرح, وحصل لي انهيار عصبي, وعندما شعر بالندم لم أرضَ أن أزيد همه, ووافقت أن أكمل معه رغم كل تلك المشاكل على أمل أن ما مررنا به يعلِّمه أني لست سيئة, وأني أريد أن أكمل حياتي معه, ولم أكن أعرفه قبل الزواج, إلا أننا بعد الخطبة ارتبطنا ببعض جدًّا, لكنه لم يتغير بعد الزواج, وقام بضربي - رغم أنني لم أرَ والدي يضرب أمي طوال عمرهما مع بعضهما, وكذا الحال مع خمسة من أخواتي البنات - فتحملت ورجعت, وأهانني كثيرًا, وسافر وتركني مع أبويه اللذين قاما بطردي من الشقة, وتغيير المفتاح؛ حتى لا أدخل إليها, وقاما بإهانتي, وأقسم بالله إنني لم أرد على كل تلك الإهانات بإهانات مثلها؛ لأنني أخاف أن يحاسبني الله عليهما فهو زوجي وهم أهله, وتحملت, لكنهم عندما يخوضون في شرفي وعرضي وعرض أخواتي فهذا ما لا أستطيع أن أتحمله, فرفعت قضية طلاق للضرر, فهل عليّ ذنب في ذلك, رغم محاولاتي إصلاحهم وإرضاءهم - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان زوجك يسيء معاملتك, ويضربك ضربًا مبرحًا لغير مسوغ: فمن حقك رفع الأمر للقاضي وطلب الطلاق للضرر، قال الدردير: (ولها) أي: للزوجة (التطليق) على الزوج (بالضرر) وهو ما لا يجوز شرعًا, كهجرها بلا موجب شرعي, وضربها كذلك.
واعلمي أنه لا يحق له إجبارك على مساكنة أحد من أهله, لا سيما إذا كانوا يسيؤون إليك.

وعلى أية حال: فاعلمي أن طلب المرأة الطلاق لمسوّغ لا حرج فيه, وإنما تنهى المرأة عن طلب الطلاق لغير مسوّغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد, قال السندي: أَيْ: فِي غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ مِنَ الْأَذَى مَا تُعْذَرُ فِي سُؤَالِ الطَّلَاقِ مَعَهَا.

لكن ننبه إلى أن الطلاق في الأصل مبغوض في الشرع, فينبغي ألا يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الإصلاح والمعاشرة بالمعروف - ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات, والتنازل عن بعض الحقوق - كان ذلك أولى من الفراق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني