الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تحط مؤنة الزرع والحرث والحصد من الزكاة

السؤال

حصدت زرعي فكان النتاج 45 كيسا أخذ صاحب الحصادة 40 كيساً أجرة حصاده علماً بأن أصحاب الحصادات عندما يكون الزرع رديئاً يحصدون على كل دونم لا كما ينتج إذاً بقي عندي 5 كيس فكيف أفعل لإخراج الزكاة؟ وجزاكم الله خيراً

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد قال الله تبارك وتعالى:وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام:141].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر". رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
ففي الآية بين الله تعالى وقت إخراج زكاة الزروع، وهو يوم الحصاد، وفي الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم مقدار ما يجب إخراجه، وهو العشر إن كان سقيها بماء السماء، ونصف العشر إن كان بآلة ونحوها إذا بلغ الخارج من الأرض نصاباً، لكن اختلف العلماء في مؤنة الزرع والحرث والحصد هل تخصم من المحصول، ولا تجب فيها الزكاة ؟ أم أنها تحسب من مال المالك؟
فجمهور العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم يرون أنها لا تخصم من المحصول ويجب عليه إخراج زكاة الجميع.
قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: (وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يحتسب فيه أجر العامل ونفقة البقر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة، فلا معنى لرفعها). انتهى
وقال الباجي في شرح الموطأ: (وعلى رب الزيتون والحيوان أن يحتسب في ذلك بما استأجر به منه، وبما علف وأكل فريكاً من الحب، لأن الزكاة قد تعلقت به بعد بدو صلاحه، ووجب عليه تخليصها بماله، فما استأجر به على تخليصها منه، فهو من حصته). انتهى
وقال النووي في المجموع: (قال أصحابنا: ومؤنة تجفيف التمر وجذاده وحصاد الحب وحمله ودياسه وتصفيته وحفظه وغير ذلك من مؤنة تكون كلها من خالص مال المالك لا يحسب منها شيء من مال الزكاة بلا خلاف) انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: (والمؤنة التي تلزم الثمرة إلى حين الإخراج على رب المال، لأن الثمرة كالماشية، ومؤنة الثمرة والماشية ورعيها والقيام عليها إلى حين الإخراج، على ربها كذا ها هنا). انتهى
وذهب بعض العلماء إلى أن المؤنة تحط من رأس المال المحصود، وتخرج الزكاة عن الباقي إن بلغ نصاباً، وهذا ما نقله صاحب الحاوي عن عطاء بن أبي رباح قال: (تكون المؤنة من وسط المال لا يختص بتحملها المالك دون الفقراء، لأن المال للجميع فوزعت المؤنة عليهم). انتهى
ونقل ابن الهمام في فتح القدير دليلهم فقال: (قدر المؤنة بمنزلة السالم بعوض كأنه اشتراه). انتهى.
ومقصوده أن النفقة التي أنفقها صاحب الزرع، لابد أن يأخذ بدلها من المحصول، فيكون كأنه اشتراه، لأن المال لا يعتبر زيادة وكسباً إذا كان قد أنفق مثله في الحصول عليه.
وقد أيد هذا الرأي ابن العربي في شرحه على سنن الترمذي المعروف: بعارضة الأحوذي، وهو الذي نرجحه لأن ذلك هوالأشبه بروح الشريعة التي قررت إسقاط نسبة من الزكاة في مقابل السقي بالآلة، كما ورد في الحديث الآنف الذكر.
وبناءً على ذلك، فلا يجب عليك إخراج الزكاة إلا فيما بقي بعد مؤنة الحصاد إذا بلغ نصاباً، وفيه العشر إن كان سقيه بماء السماء، ونصف العشر إن كان سقيه بآلة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني