الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا تلميذ في المرحلة الثانوية في تونس، والسنة القادمة هي سنة التخرج إلى الجامعة .
أريد أن أسأل ما مدى صحة العلم الشرعي في جامعة الزيتونة، والجامعات الأخرى في تونس، خاصة وأنني سلفي جهادي، وأريد أن أبتعد عن علماء السلاطين، ومرجئة العصر، مع العلم أن أغلبية علماء الزيتونة أشاعرة؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي نريد أن نلتف إليه نظر الأخ السائل أولا هو: أن الحكم على أحد من أهل العلم بأنه من علماء السلاطين، أو من مرجئة العصر !! ليس بالأمر الهين، والطعن في أهل العلم بغير بينة ولا مسوغ، مزلة خطيرة، وهو من سمات أهل الغلو والتنطع.

وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4402 ، 29139 ، 39675 ، 195969 ، 170347 ، 115784 .
وبخصوص سؤالك: فالأشاعرة وإن كان مذهبهم أقرب من غيرهم للسنة، إلا إنهم خالفوا مذهب السلف في مسائل عديدة؛ وراجع تفصيل ذلك في الفتويين: 117496، 10400.

وكذلك المرجئة من الفرق المخالفة لأهل السنة؛ وراجع في التعريف بهم الفتويين: 10346، 20932.

فإذا لم تجد جامعة تدرس فيها مذهب أهل السنة صافيا، ولم يتوفر لك إلا جامعة تعتمد مذهب الأشاعرة أو غيرهم ممن خالف مذهب أهل السنة الصافي، واستطعت الرجوع لأهل العلم الثقات للوقوف على حقيقة تلك المخالفات، بحيث لا تتأثر بها ولا تشتبه عليك، فلا حرج عليك ـ إن شاء الله ـ في إكمال دراستك فيها. وراجع في ذلك الفتويين: 48968، 120484.

ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على ما أحيل عليه في الفتوى رقم: 41566.

واعلم أخي الكريم أن من سلك سبيل العلم وطلبه، لا بد له من التأدب بآدابه، والحذر من آفاته، والتي منها العجب، والاعتداد بالنفس، والهجوم على المسائل الكبار قبل التهيؤ، والتصدر قبل التأهل. وقلما يسلم من بعض هذه الآفات طالب في مقتبل طلبه.

قال الماوردي في (أدب الدنيا والدين): قلما تجد بالعلم معجبا، وبما أدرك مفتخرا، إلا من كان فيه مقلا ومقصرا؛ لأنه قد يجهل قدره، ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره. فأما من كان فيه متوجها ومنه مستكثرا، فهو يعلم من بعد غايته، والعجز عن إدراك نهايته، ما يصده عن العجب به. وقد قال الشعبي: العلم ثلاثة أشبار فمن نال منه شبرا شمخ بأنفه وظن أنه ناله، ومن نال الشبر الثاني صغرت إليه نفسه وعلم أنه لم ينله، وأما الشبر الثالث فهيهات لا يناله أحد أبدا. اهـ.

ومن الكتب التي تفيدك في هذا الجانب كتاب (حلية طالب العلم) للشيخ بكر أبوزيد، وقد شرحه العلامة ابن عثيمين، ومما قال فيه: يا طالب العلم! بارك الله فيك وفي علمك؛ اطلب العلم، واطلب العمل، وادع إلى الله تعالى على طريقة السلف. ولا تكن خراجاً ولاجاً في الجماعات، فتخرج من السعة إلى القوالب الضيقة، فالإسلام كله لك جادة ومنهجاً، والمسلمون جميعهم هم الجماعة، وإن يد الله مع الجماعة ... فكن طالب علم على الجادة؛ تقفو الأثر، وتتبع السنن، تدعو إلى الله على بصيرة، عارفاً لأهل الفضل فضلهم وسابقتهم. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني