الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المشاركة بالحدث العالمي السنوي: ساعة الأرض

السؤال

أثابكم الله: هناك عمل عالمي سنوي يعرف: بـساعة الأرض ـ يقوم العالم فيه بإطفاء الأنوار للمشاركة فيه نظرا لما يقال عنه بأنه يقلل من خطر الاحتباس الحراري، فهل هذا صحيح؟ وما حكم المشاركة في مثل هذا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن صحة هذا الأمر من الجهة العلمية يرجع في التحقق منه إلى أهل الاختصاص بذلك، أما الحكم الشرعي للمشاركة فيما ذكرت أنه يعرف بـ: ساعة الأرض ـ فالأصل أنها جائزة، فهي من قبيل العادات، والأصل في العادات الإباحة حتى يدل دليل على تحريمها، وليس هناك دليل يوجب تحريم المشاركة، فتبقى على أصل الحل، قال ابن تيمية: إن تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم، فاستقراء أصول الشريعة أن العبادات التي أوجبها الله أو أباحها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأما العادات: فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله ورسوله، وذلك، لأن الأمر والنهي مما شرع الله تعالى، والعبادة لا بد أن تكون مأمورا بها، فما لم يثبت أنه مأمور كيف يحكم عليه بأنه عبادة؟ وما لم يثبت من العادات أنه منهي عنه كيف يحكم عليه أنه محظور؟ ولهذا كان أصل أحمد وغيره من فقهاء الحديث: أن الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى؛ وإلا دخلنا في معنى قوله: أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله {الشورى: 21} والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله؛ وإلا دخلنا في معنى قوله: قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا {يونس: 59} ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه في سورة الأنعام من قوله: وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون * وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون * وقالوا هذه أنعام وحرث حجر {الأنعام:136ـ 138} فذكر ما ابتدعوه من العبادات ومن التحريمات، وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ـ وهذه قاعدة عظيمة نافعة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني