السؤال
لا أعرف كيف أطرح سؤالي، فهذه أول زيارة لي، سأحكي لكم قصتي لعلي أجد عندكم النصح والجواب: أنا فتاة أبلغ 28 سنة من العمر وقد التقيت بشاب كما كنت أحلم به، كنت سعيدة جدا، وهو في قمة السعادة ـ حسب قوله ـ واتفقنا على كل شيء، وكان كل شيء يسير في أحسن الأحوال ـ من تجهيز للعرس ـ وذات يوم فاجأني برسالة طالبا أن يفسخ كل شيء دون أي سبب، فلم أتقبل هذا التغير المفاجئ، وبكل صراحة ذهبت عند 5 من الساحرين والساحرات، فقالوا لي جميعا إنني سحرت معه وأكلنا معا العين في العين؟ وقبل أسبوع أو أكثر قبل أن يلغي كل شيء ذهبت معه إلى أخيه الكبير، لأنه منذ مدة هو وزوجته ينتظران زيارتنا وأكلت معه، لكن أخاه وزوجته لم يأكلا مما أكلت منه أنا وخطيبي، ولم أنتبه لهذا حتى مضى وقت، ومنذ أشهر أقوم بالرقية الشرعية لإخراج السحر، ومن كثرة قراءتي لسورة البقرة حفظتها، مع العلم أن إيماني بالله عز وجل لم يتزحزح، ولم أترك بتاتا الصلاة، وأدعو ربي أن يريني رؤيا إن كنت حقاً مسحورة، وأن يعيد إلي خطيبي ويجمعني به، والسؤال هو: لو فرضنا أن فراقنا بسبب السحر، فهل يكفي أن أرقي نفسي كي يعود، لأنني قرأت أن الرقية لعلاج التفريق يجب أن تكون لكل من الزوجين، وأنا مخطوبة فقط ولم يعد بيننا شيء، فكيف أتصرف؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت بلجوئك للسحرة، فإن سؤالهم وتصديقهم محرم شرعا، لما روى البيهقي في السنن وأبو يعلى والبزار عن ابن مسعود قال: من أتى ساحراً، أو كاهناً، أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
والواجب عليك التوبة النصوح من إتيان السحرة، كما لا يجوز لك اتهام أحد بالسحر من غير بينة، ولكن يجوز أن تعرضي أمرك على بعض من يقومون بالرقية الشرعية من أهل السنة ليرقيك بالرقية الشرعية، أو ترقي نفسك بالقرآن والأدعية المأثورة، فقد قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أنفع ما يستعمل لإذهاب السحر ما أنزل الله على رسوله في إذهاب ذلك، وهما: المعوذتان، وفي الحديث: لم يتعوذ بمثلهما ـ وكذلك قراءة آية الكرسي، فإنها مطردة للشياطين. انتهى.
ويمكن كذلك التداوي بما يشرع التداوي به؛ كالعسل وزمزم والحبة السوداء والسدر، كما ورد عن بعض السلف استعمال الآيات التي يذكر فيها إبطال السحر، كقوله تعالى: فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ {يونس:81-82}. وقوله تعالى: فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {الأعراف: 118ـ 121}. وقوله تعالى: وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى {طه:69}.
وكذلك من المشروع للمسحور وغيره التحصن بالأذكار المشروعة؛ كأذكار الصباح والمساء، والمحافظة على الوضوء، وقراءة سورة الفاتحة والبقرة وغيرهما، قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا {الإسراء:82}.
وللمزيد من الفائدة راجعي في ذلك الفتوى التالية أرقامها: 10981، 2244، 80694.
وأكثري من سؤال الله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحا تسعدين به، سواء هذا الشخص أو غيره، فالله سبحانه قد أمر بالدعاء ووعد بالإجابة ولا يخيب من رجاه، قال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}. وراجعي آداب الدعاء في الفتوى رقم: 119608.
هذا، وننبه إلى أن الخطوبة مجرد مواعدة بين الطرفين يحق لأيهما فسخها متى شاء، والأولى عدم فسخها لغير مسوغ وخاصة إن طالت فترة الخطبة، وانظري الفتوى رقم: 18857. وننبهك إلى أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد عليها، فما حصل منك من خروج معه ونحو ذلك يستوجب منك توبة وندما.
والله أعلم.