السؤال
توفي جدي وكان يمتلك أرضا زراعية وبيتا، وبعد الوفاة تم توزيع الميراث على والدي وأخواته، ورضي بنصيبه، وقد مر على وفاة جدي تقريبا 34 سنة، وبقي البيت الذي كان يسكن فيه والدي ـ بيت جدي ـ وخلال السنوات الماضية ظهر كوردن مباني، وكانت قطعة أرض ملك لوالدي من الميراث الشرعي ومباني، فبدأ الطمع في بيت جدي، فلم نعترض على بيع البيت وتقسيم الميراث بين الورثة مع أن والدي يمتلك عقد بيع من ثلاثة من أخواته وبقيت أختان لم توقعا عقد البيع، وبعد مضي تلك الأعوام جاءت إحدى عماتي تريد أن ترث في قطعة الأرض التي ظهرت حديثا بالكوردون المباني، أو تحرم أبي من نصيبه في منزل جدي، مع أن الأراضي الزراعية كانت موزعة منذ 34 سنة، وكان يسدد الضرائب للحكومة، وقمنا بشراء قطعة أرض زراعية من نصيب إحدى عماتي من الأرض الزراعية فما العمل الآن مع عمتي التي تطمع فيما منَّ الله علينا به، مع أن أبي كان وحيدا، وكان أصغرهم ولم يكن قد تزوج عند وفاة والده في حين أنهن جميعا كن قد تم تجهيزهن وتزويجهن، فهل لعمتي الحق في التقاضي ورفع دعوى؟ وما العمل معها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح ذات بينكم, وأن يوفقكم لحل النزاع بينكم، فهو ولي ذلك والقادر عليه، وأما عن القطعة الأرضية التي أصبحت صالحة: فإن كانت قد وقعت في نصيب والدك لما قسمت التركة سابقا فليس لعمتك أن تطالب بها الآن، لأنها أصبحت ملكا للوالد ولم تقع في نصيبها هي، فالمرجع في هذا هو النظر في تقسيم التركة سابقا، فمن كانت الأرض الصالحة للبناء ملكا له فهو الأحق بها، والأولى بكم أن تسعوا في فض النزاع عن طريق الصلح سداً لذريعة التقاطع والتدابر، فإن الأرحام والأقارب يتعين السعي في تفادي تفاقم المشاكل التي يمكن أن تقع بينهم، والحرص على الصلح بينهم، وقد صرح الفقهاء بأن القاضي يندب له حث الخصوم على الصلح، ويجب إذا خاف تفاقم المشكلة، قال صاحب الكفاف وهو مالكي في باب القضاء:
بالصلح مر الأرحام والأكارما * ندبا وحتما إن تخف تفاقما.
وقال ابن عاصم في التحفة:
والصلح يستدعي له إن أشكلا * حكم وإن تعين الحق فلا
ما لم يخف بنافذ الأحكام * فتنة أو شحنا أولي الأرحام.
فلو أن الوالد صاحب الحق تنازل لأخته حسما للمشاكل وحصول الخلاف بين الإخوة فهو أفضل، ولكنه لا يجب عليه، بل يشرع له أن يقاضيها وأن لا يعطيها إلا نصيبها الشرعي من التركة.
والله أعلم.