الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بنية الطلاق وأثره على المرأة

السؤال

قرأت بعض الفتاوى التي تبيح للرجل الزواج بنية الطلاق إن كان في سفر دون أن يخبر أحدا من أهل من يريد الزواج بها، وبعد الزواج إن أراد أن يمسكها فليمسكها وإن أراد طلاقها فله ذلك، وبعض الفتاوى تبيح الزواج بنية الطلاق إن كان لتحصينه من الفتن، وإذا انتهت لذته منها، فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها، مستحيل أن يكون هذا هو الإسلام، ومستحيل أن ينظر إلى المرأة على أنها أداة مؤقتة لتحصين الرجل دون أن ينظر لتحصينها، فإن تزوجها لتحصين نفسه لفترة مؤقتة ثم تركها لا بكرا كما كانت، ولا هي متزوجة فإنها ستحيا حياة مستقرة، فكيف يكون حالها؟ أيبيح الإسلام أن يتزوجها ويطلقها حينما يمل منها؟ أيبيح له أن يتركها للحسرة؟ ومستحيل أن يكون هذا ديننا، تزوجت برجل له زوجتان وقبلت لأنني كنت أراه صاحب دين وخلق، قال إنه كثير السفر ويحتاج لزوجة تلازمه في سفره، ولكن الإقامة الثابتة في مصر، وبعد ذلك علمت أنه كانت له زوجتان تم طلاقهما من قبل، وعلمت أن الأمر بالنسبة له استبدال وتغيير، وإن الثابتة لديه هي أم أولاده وكلما سافر تزوج بأخرى وسافر بها وعند العودة طلقها، وهذا ما حدث معي حيث تزوجني شهرا ثم قال: أنت غير مدردحة والصفات التي أبحث عنها ليست عندك، فهل هذا من الشرع في شيء؟ شيخنا أكثر ما يؤذيني هو قول من حولي بهذا يقول قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم شيخنا أوضح لي الأمر جزاك الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من مبادئ الإسلام تحصين الفروج وحفظها من الرجال والنساء على السواء، فالإسلام لا ينظر إلى المرأة على أنها أداة مؤقتة لتحصين الرجل دون أن ينظر لتحصينها، ومن أجل هذا وغيره حرم نكاح المتعة، وأما الزواج مع نية الزوج الطلاق لاحقا، فقد اختلفت فيه أنظار فقهاء المسلمين، فمنهم من نظر إلى الفرق بينه وبين نكاح المتعة فأجازه، حيث إن المتعة إذا تم فيها الأجل حصل الفراق شاء الزوج أم أبى، بخلاف هذا فإنه يمكن أن يرغب في الزوجة فيعدل عن هذه النية وتدوم العشرة ويصلح الحال، وأما كون المرأة تَترك بعد هذا الزواج وقد صارت ثيبا لا بكرا، فهذا متحقق في صور الطلاق عموما سواء في الصورة المذكورة في السؤال أو في غيرها، فلا يكون هذا سببا كافيا للتحريم، ومن الفقهاء من ذهب إلى تحريمه، نظرا لما يترتب عليه من أضرار ولما يشتمل عليه من غش وخداع لا يرضاه الإنسان لنفسه ولا لبناته وأهله، وهذه ليست بأخلاق المسلم، يقول أنس بن مالك: ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني.

قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: والقصد عندنا يؤثر في النكاح, بدليل ما ذكره أصحابنا: إذا تزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج من البلد لم يصح.

وفي مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة أيضا: أو ينويه ـ أي: ينوي الزوج طلاقها بوقت ـ بقلبه، نقل أبو داود فيها: هو شبيه بالمتعة، لا، حتى يتزوجها على أنها امرأة ما حييت، أو تزوج الغريب بنية طلاقها إذا خرج، ليعود إلى وطنه لأنه شبيه بالمتعة.

وراجعي الفتوى رقم: 3458.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني