الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

مشكلتي بسبب الممارسة الكثيرة للعادة السرية: أجد هناك نغزات في مجري البول وخيوط بيضاء وودي، فهل وجود نقط الودي هذه معفو عنها كقدرها من النجاسة، لأنني أخاف أن تكون صلاتي لا تنفع، وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله الغفور القدير أن يتوب عليك ويصرف عنك هذه العادة السيئة، فهي مدخل للشيطان ليفسد عليك دينك وصلاتك، أما الودي فهو: الماء الثخين الأبيض الذي يخرج في إثر البول أو عند حمل شيء ثقيل ـ وهو نجس، فيجب الاستنجاء منه وتنتقض بخروجه الطهارة وتشترط إزالته لصحة الصلاة في البدن والثوب وموضع الصلاة، وقد دل على هذا الأصل الإجماع والقياس على البول، أما الإجماع: فقد قرره ابن عبد البر في الاستذكار وتابعه البغوي في شرح السنة، وابن قدامة في المغني، والنووي في المجموع، وتعقبهم ابن دقيق العيد، كما في شرح الخرشي على مختصر خليل برواية عن أحمد في طهارته، وأما انتقاض الطهارة به: ففيه الإجماع أيضا، فقد قَالَ ابن قدامة في المغني: الْخَارِجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُعْتَادٍ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَالرِّيحِ، فَهَذَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ إجْمَاعًا.

وإذا كان الودي الخارج يسيرا، فالجمهور على عدم العفو عنه في أظهر أقوالهم خلافا للحنفية، أما المالكية: فقد صرحوا بعدم العفو عن يسير النجاسة من الودي، كما في شروح مختصر خليل لعليش والدردير والدسوقي مع قولهم بالعفو عن يسير مصدره وهو الدم، قال في المنح مع المختصر: وَالنَّجَسُ مَنِيٌّ وَمَذْيٌ وَوَدْيٌ وَلَوْ مِنْ مُبَاحٍ، وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا وَإِنْ كَانَ أَصْلُهَا الدَّمَ الْمَعْفُوَّ عَنْ يَسِيرِهِ. اهـ

نعم استثنوا ما يبقى من أثره في رجل الذباب لمشقة الاحتراز، وأما الشافعية: فالمقدار المعفو عنه هو ما لا يدركه البصر المعتدل، كما قرره الشربيني في الإقناع، حيث قال: ويستثنى أيضا نجس لا يشاهد بالبصر لقلته كنقطة بول وخمر وما يعلق بنحو رجل ذباب، لعسر الاحتراز عنه.

والمقصود بالنقطة التمثيل لا التحديد، لقوله بعد ذلك: ولا يعفى عن شيء من النجاسات كلها مما يدركه البصر، إلا اليسير في العرف من الدم والقيح.

وأما الحنابلة: فلم يترخصوا في المعتمد عن شيء منه مطلقا: قال ابن مفلح في المبدع: وَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَدْيَ، وَهُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ عَقِيبَ الْبَوْلِ نَجِسٌ، وَأَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ مُطْلَقًا، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ: هُوَ كَالْمَذْيِ.

وقال الحجاوي في الإقناع: ولا يعفى عن يسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف كالذي يعلق بأرجل ذباب ونحوه.

وأما الحنفية: فالودي عند الحنفية من النجاسة المغلظة، كما نص عليه الشرنبلاي في المراقي اتفاقا، فيُعفى عن قدر الدرهم بالوزن، أو ما يعادل مساحة مُقعّر الكفّ داخل مفاصل الأصابع، وعليه فيجب على السائل الاستنجاء وغسل الثياب من الودي ثم الوضوء لتحقيق شرط الطهارة للصلاة، أما إذا كان خروج الودي بنحو السلس، فانظر الفتوى رقم: 162855 .

وأما بالنسبة لتكرار العادة السرية: فننصحك بمراجعة قسم الاستشارات الطيبية في موقع الشبكة فتسجد ما يسرك ويعينك على علاج مشكلتك وذلك بعد وقوفك على حكم العادة وطرفا من أضرارها في الفتاوى التالية أرقامها: 910، 1087 1968، 2179، 2283، 2976، 3239.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني