الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الشك بعد إتمام قضاء رمضان, وهل يلزم الترتيب بين الأيام الواجب قضاؤها؟

السؤال

أنا امرأة كثيرة الشك في العبادات - في الطهارة، والصلاة، بل حتى في العمرة أشك بعد انقضائها في صحتها - لتدقيقي وتكلفي في أشياء قد تكون عادية، لكن يهولها الشيطان في عيني, وأنا أيضًا كثيرة النسيان، ولم أكن هكذا من قبل - والحمد لله على كل حال، وأسأل الله العافية - وسؤالي يتعلق بقضائي للأيام التي أفطرتها في رمضان الماضي, فأرجو الإسراع بالرد عليّ حتى أقضي إن كان يلزمني القضاء، فقد كنت قيّدت في جوالي رسالتين للتذكير بالقضاء: الأولى فيها تنبيه لي لأقضي الأيام 2و3و6 احتياطًا واليوم 11, وفي الأخرى تنبيه لي لقضاء الأيام التي أفطرتها بسبب الدورة الشهرية، وهي الأيام من 12إلى 18, فسبب القضاء في الثانية هو الدورة الشهرية، وأما الأولى فسبب الاحتياط في القضاء هو أني كنت أشعر فيها بضغط على منطقة الرحم تصحبه شهوة خفيفة جدًّا لا أريدها، ولا تثيرني، لكنها فوق طاقتي، وبلا إرادة مني، فأجد بعد ذلك إفرازات لزجة شفافة, أو تميل قليلًا للصفرة الفاتحة جدًّا لكن لا يحصل لي فتور البدن الذي يحصل في الاحتلام ونحوه، ولا أجد شدة الشهوة ونحو هذا؛ لذلك أشكل الأمر عليّ هل هو مذي أو مني, ومع ذلك أكملت صيامي ولم أقطعه, وقيّدت في جوالي تواريخ تلك الأيام لأقضيها، وأما اليوم الحادي عشر فلا أذكر هل السبب هو هذا أم أني أردت قضاءه لصفرة نزلت قبل خروج الحيض، فإن الدورة أتتني في اليوم التالي وهو الثاني عشر, وأنا لا أتذكر ما هو السبب, لكني لم أجعل التنبيه على قضاء هذا اليوم في الرسالة التي تخص أيام الدورة، وأظن أن السبب في قضاء هذا اليوم ليس متعلقًا بالدورة, وأنا متأكدة أني بدأت القضاء, فأنا غالبًا لا أؤخره، بل لا أصوم نفلًا إلا بعد القضاء، وأذكر أني كنت أحسب أيام القضاء وأعد ما أتممت منها؛ وذلك لأتمكن من صيام عرفة، وعاشوراء, ومع ذلك أصابني الشك هل أكملت القضاء كله أم لا, مع أني قد صمت تطوعًا، وصمت لأمور أخرى، ولا أظن بنفسي أني أفعل ذلك إلا بعد انتهائي من القضاء الذي عليّ من رمضان, فما حكم هذا الشك هل ألتفت له أم أبني على ما يغلب على ظني من أني قد أكملت الصيام وأنهيته؟ وأنا لا أذكر هل صمت الأيام الأربعة التي ذكرت سابقًا ثم أتبعتها بقضاء ما أفطرته بسبب الدورة الشهرية أم لا؟ وأظن أني بدأت بصيام الأيام التي أفطرتها بسبب الدورة دون التي قبلها؛ لأني لم أكن متأكدة من حكمها، ولست متأكدة جدًّا من القضاء أو عدمه, فما الحكم؟ وهل يلزمني قضاء تلك الأيام بعد أن بينت لكم سبب احتياطي في قضائها؟ وهل يجوز لي أن أقضيها الآن - حتى لو كنت قضيتها من قبل قطعًا للشك -؟ ولا يخفى عليكم أن أيام الدورة - كما ذكرت - تبدأ من اليوم 12, وأما تلك الأربعة فهي تبدأ من اليوم الثاني وأنا بدأت القضاء من يوم الثاني عشر, فهل يصح أن أعود وأقضي ما قبلها إن كان يلزمني؟ أم يجب أن أعود فأقضي الأيام كلها مرتبة من اليوم الثاني حتى 18 مراعاة للترتيب؟
جزاكم الله خيرًا على صبركم وسعة صدوركم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فنحذرك أولًا من الوساوس، وننبهك إلى أن أعظم علاج للوساوس هو الإعراض عنها, وعدم الالتفات إليها؛ وانظري الفتوى رقم: 51601.

وأما الأيام التي ذكرت أنك شعرت فيها بخروج السائل المذكور، فلا يلزمك قضاؤها أصلًا، وسواء كان هذا السائل منيًا أو مذيًا فلا قضاء عليك؛ وانظري الفتوى رقم: 127123, ثم الظاهر أن هذا السائل هو المذي لما ذكرت من صفته، ولبيان كيفية تطهير المذي انظري الفتوى رقم: 50657.

وأما السائل الذي رأيته يوم الحادي عشر، فإن كان صفرة فإنه يعد حيضًا إن كان في زمن العادة على ما هو مبين في الفتوى رقم: 134502.

والحاصل أنه لا يلزمك إلا قضاء ما تتيقنين أنك أفطرته بسبب الحيض، وأما ما تشكين في لزوم قضائه فالأصل براءة ذمتك، وأنه لا يلزمك القضاء.

ولا يلزم الترتيب بين الأيام الواجب قضاؤها.

وإذا قضيت ما يلزمك قضاؤه ثم عرض لك الشك والوسواس بأن ذمتك لم تزل مشتغلة ببعض الأيام، فلا تلتفتي إلى هذا الوسواس, بل أعرضي عنه, ولا تعيريه اهتمامًا؛ فإن الاسترسال مع هذه الوساوس يفضي إلى شر عظيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني