الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ورد الاقتصار على قراءة سور الترغيب دون الترهيب في رمضان؟ وكيف أثبت على التوبة؟

السؤال

هل توجد فتوى باستحباب قراءة سور الترغيب التي فيها الجنة وراحة المؤمن في رمضان دون قراءة السور التي بها ترهيب ووعيد من الله عز وجل للكفار والمنافقين؟
وقد وقعت في كبيرة من الكبائر، وفي كل مرة أتوب إلى الله عز وجل وأقول لن أرجع إلى الذنب أبدًا، وبعد فترة أعود إلى نفس الفعل وأتوب من جديد، خاصة أن الفعل جسدي ويتعلق بهوى النفس، فماذا أفعل؟ فأنا في صراع دائم مع نفسي، فانصحوني - بارك الله فيكم – أريد أن أعود نهائيًا إلى الله تعالى, وادعوا لي الله عز وجل أن يتوب عليّ, وأن يعينني على التوبة والثبات، وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكر في السؤال من الاقتصار على سور الترغيب لم نطلع عليه، وإنما شاع عن السلف الإكثار من ختم القرآن، فكانوا يكثرون من قراءة القرآن في هذا الشهر، وربما تركوا مدارسة العلم ليتفرغوا للقرآن، فكان عثمان ـ رضي الله عنه ـ يختم القرآن كل يوم مرة، وبعضهم في ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وكان للشافعي ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وكان الزهري ومالك إذا دخل رمضان يتركان قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويقبلان على قراءة القرآن، قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرءون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم، فكان بعضهم يختم القرآن في كل شهر، وبعضهم في عشرين يومًا، وبعضهم في عشرة أيام، وبعضهم، أو أكثرهم في سبعة، وكثير منهم في ثلاثة، وكثير في كل يوم وليلة، وبعضهم في كل ليلة، وبعضهم في اليوم والليلة ثلاث ختمات، وبعضهم ثمان ختمات، وهو أكثر ما بلغنا ـ إلى أن قال: والمختار أنه يستكثر منه ما يمكنه الدوام عليه، ولا يعتاد إلا ما غلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره، هذا إذا لم تكن له وظائف عامة أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها، فإن كانت له وظيفة عامة - كولاية، وتعليم، ونحو ذلك - فليوظف لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخلال بشيء من كمال تلك الوظيفة، وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف. انتهى.

وأما عن الذنب الذي ذكرت أنك تتوب منه، لكنك تعود إليه من جديد: فنوصيك أن تبادر بالتوبة كلما غلبتك نفسك وشيطانك, وأن تعزم على نفسك بالتوبة, وتجاهدها على الاستقامة والالتزام بدين الله تعالى، والبعد عن اقتراف جميع المعاصي، واحرص على استشعار مراقبة الله تعالى, والإكثار من النظر في آيات وأحاديث الترغيب والترهيب، وأن تجأر إلى الله تعالى أن يرزقك توبة صادقة، وتذكر حديث البخاري: أن عبدا أصاب ذنبًا، فقال: رب أذنبت فاغفر لي، فقال ربه: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبًا، فقال رب أذنبت فاغفره .. إلى أن قال في الثالثة: غفرت لعبدي ثلاثًا فليعمل ما شاء.

قال النووي: أي: ما دام يذنب ويتوب. اهـ.

أي يتوب التوبة المشروعة بأركانها، وهي أن يندم على ما فات من الذنب, ويقلع عنه في الحال, ويعزم على عدم العودة إليه في المستقبل.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني