السؤال
حدث التباس عندي في الحديث عن رسول الله صلى عليه وسلم: أن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة: رجل استشهد، فأتى به فعرفه نعمته فعرفها، فقال: ما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى قتلت، قال: كذبت، ولكن قاتلت ليقال هو جريء، فقد قيل، ثم يأمر به فيسحب على وجهه حتى ألقي في النار.... إلخ، فهل هولاء الذين هم أول ثلاثة تسعر بهم النار: قارئ القرآن، والمجاهد، والمتصدق بماله، الذين فعلوا ذلك ليقال: فلان قارئ، وفلان شجاع، وفلان متصدق، ولم تكن أعمالهم خالصة لله سيمرون على الصراط أم يسحبون إلى النار مباشرة؟ علما أن الحديث ذكر أنهم يسحبون على وجوههم حتى يلقوا في النار ولم يذكر أنهم يمرون على الصراط، وعندما أقرأ الحديث وقول الله عزوجل: وإن منكم إلا واردها ـ يحدث عندي التباس، فأرجو أن توضحوا لي المسألة، وهل الكفار يمرون على الصراط؟ وإذا كانوا يمرون فكيف نفهم قوله الله عزوجل: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها.... وقول الله عز وجل: كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها؟ فالذي يظهر من الآيات أنهم لا يمرون على الصراط، فكيف نوفق بين الآيات السابقة وبين قول الله عزوجل: وإن منكم إلا واردها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن من العلماء من ذهب إلى أن الكفار مستثنون من المرور على الصراط ويدخلون النار قبل أن يضرب الصراط فوق النار، لحديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين، وانظره في الفتوى رقم: 113802، عن أحوال الخلق في الوزن وعلى الصراط، ففيها مزيد بيان.
وعلى هذا القول، فإنه لا تعارض بين كونهم يدخلون النار قبل ضرب الصراط وبين الآيات الكريمات التي ذكرتها، وهي قوله تعالى: كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ {الملك:8}. وقوله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا {الزمر:71}.
فإنهم يساقون إليها ويلقون فيها قبل أن يُجعل الصراط جسرا فوق جهنم، نسأل الله أن يعفو عنا وعن جميع المسلمين ونعوذ به من سخطه وعقابه.
وأما الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار: فإننا بعد البحث لم نقف على ما يدل على أنه يفعل بهم ذلك قبل نصب الصراط أم أنهم يمرون عليه، ولم نقف على كلام لأهل العلم حول ذلك, والوارد فيهم أنهم أول من تُسعر بهم النار، ومعنى كلمة: تُسَعَّر ـ توقد وتهيج، نسأل الله السلامة والعافية، وانظر الفتوى رقم: 159227، عن أقوال العلماء في معنى الورود على النار التي جاءت به الآية الكريمة في سورة مريم.
والله أعلم.