السؤال
عندي موضوع وأحتاج حلا له.
لي صديق عمره 21 عاما، يشتكي لي أن أباه تزوج أمه، ولا تعرف من كتب عقد النكاح؟ ولا تعرف الشهود، ولا تعرف هل عقد النكاح موجود أو لا؟ أبوها وأمها توفيا، ولها أخ من الرضاعة.
لو كان هو الشاهد على عقد النكاح. هل يكون صحيحا؟
والشي الآخر: بعد ما تزوجته عرفت أنه لا يصلي، وقاس، ويهينها، ويضربها، وكثيرا ما ينصحه الناس بالصلاة، وبزوجته منذ 32 سنة ولا فائدة منه، وكان يطردها من البيت، ويأخذ راتبها بدون رضاها غصبا عنها، ويعطيها ربع راتبها، ولا يصرف عليها شيئا، وإذا طلبت منه شيئا لا يعطيها، وهي صابرة عليه من أجل أولاده الصغار، والآن بناتها قد تزوجن، وابنها تزوج، وبقي عندها ثلاثة أولاد أصغرهم عمره 14 سنة، وهي لا تريد هذا الزوج؛ لأنها تعبت من العذاب معه.
أتمنى أن تفيدوني أعطاكم الله الأجر والخير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من كون الأخ من الرضاع شاهدا في عقد النكاح، واعلم أنه لا يجوز لمن اعتقد صحة النكاح أن يرجع ليشكك في صحته حتى يفارق زوجه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْوَلِيِّ هَلْ كَانَ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا، لِيَجْعَلَ فِسْقَ الْوَلِيِّ ذَرِيعَةً إلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ يُصَحِّحُونَ وِلَايَةَ الْفَاسِقِ، وَأَكْثَرُهُمْ يُوقِعُونَ الطَّلَاقَ فِي مِثْلِ هَذَا النِّكَاحِ، بَلْ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ. وَإِذَا فَرَّعَ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِيهِ، فَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِلَّ الْحَلَالَ مَنْ يُحَرِّمُ الْحَرَامَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَقِدَ الشَّيْءَ حَلَالًا حَرَامًا، وَهَذَا الزَّوْجُ كَانَ يَسْتَحِلُّ وَطْأَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَلَوْ مَاتَتْ لَوَرِثَهَا، فَهُوَ عَامِلٌ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ، فَكَيْفَ يَعْمَلُ بَعْدَ الطَّلَاقِ عَلَى فَسَادِهِ؟ فَيَكُونُ النِّكَاحُ صَحِيحًا إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي صِحَّتِهِ، فَاسِدًا إذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي فَسَادِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ يُخَالِفُ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ الشَّيْءِ، كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَافَقَ غَرَضَهُ أَوْ خَالَفَهُ، وَمَنْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ ذَلِكَ فِي الْحَالَيْنِ. وَهَؤُلَاءِ الْمُطَلِّقُونَ لَا يُفَكِّرُونَ فِي فَسَادِ النِّكَاحِ بِفِسْقِ الْوَلِيِّ إلَّا عِنْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، لَا عِنْدَ الِاسْتِمْتَاعِ، وَالتَّوَارُثِ، يَكُونُونَ فِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُفْسِدُهُ، وَفِي وَقْتٍ يُقَلِّدُونَ مَنْ يُصَحِّحُهُ؛ بِحَسَبِ الْغَرَضِ وَالْهَوَى، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ. الفتاوى الكبرى لابن تيمية.
وعليه فالأصل صحة زواج هذه المرأة، لكن إن كان زوجها ظالماً لها، أو تاركا للصلاة، فمن حقها طلب التطليق منه؛ وراجع الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين: 37112، 116133.
والله أعلم.