الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبرأ ذمة المدين إذا أُدي الدين عنه ولو بدون علمه

السؤال

لدي سؤال مهم من فضلكم.
عندما كنت صغيرا، قبل البلوغ، سرقت مالا من شخص أنا وأحد أقاربي، وكان هو الآخر صبيا لم يبلغ أي ( قريبي).
ومرت السنون على هذا الأمر، وعندما كبرت تذكرت هذا الأمر، وسألت عنه فقيل لي يسقط الإثم، ولكن لا بد أن يرجع المال إلى صاحبه. فوفقني الله سبحانه وتعالى في رد هذا المال حيث أرسلته إليه مع شخص، طبعا دون أن أعلمه بشيء، أي دون أن أعلم صاحب المال بشيء، وصاحب المال نفسه لم يدر أصلا بهذه السرقة، وأنا لم أعلمه بشيء حتى لا يفتضح الأمر، وكنت لا أتذكر قدر المال بالضبط، ولكن حسبته بالتقريب، وأرسلت إليه بالزيادة، وقلت للذي أرسلت معه المال أعطي هذا المال لفلان ( أي صاحب المال ) دون أن تعلمه بشيء. المهم عندما أرسلت هذا المال أرسلته عن نفسي فقط وليس عن قريبي الذي اشترك معي في السرقة، بل لم أبلغه بشيء من ذلك قط. والآن أنا محرج جدا في أن أكلم قريبي وأذكره بهذه الحادثة، وأقول له لا بد أن ترد المال إلى صاحبه؛ لأنها مظلمة. خاصة وأن هذه الحادثة قد مرت عليها عشرات السنين، وقريبي الآن نسيها تماما وأنا الذي ما زلت أذكرها، مع العلم أن المبلغ ليس بكبير.
السؤال:
1-هل يجوز لي أن أقضي هذه المظلمة عن قريبي دون أن أعلمه بشيء، ودون أن أذكره بهذه الواقعة للحرج الشديد في ذلك، وأحلله منها تماما بذلك أم لا بد من علمه بذلك، ولا بد من نيته في ذلك حتى تصح؟
2-هل ما فعلته في رد المال الذي يخصني كان صحيحا ؟
3-أنا الآن محرج أن أتكلم في هذا الأمر مع قريبي، فإن سكت عن هذا الأمر. فهل علي إثم، مع العلم أنه قد نسيه تماما ؟
4-هل يجوز قضاء الدين عن الآخر دون علمه، وهل نيته كقضاء الدين عن الميت ؟
5- وكيف يكون التصرف والتحلل من هذه المظلمة لو مات صاحب المال ؟
بالله عليكم أرجو الرد في أقرب وقت؛ لأن هذا الأمر يشغلني كثيرا.
وآسف للإطالة وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما فعلته هو الواجب عليك جزاك الله خيرا، ولم يكن يلزمك إخبار صاحب المال بحقيقة الحال كما فعلت؛ وانظر الفتوى رقم: 139763.

وأما صاحبك فلا إثم عليه؛ لما حصل إذا كان هذا الفعل قد وقع منه قبل أن يبلغ، ولكن هذا المال المسروق دين في ذمته يجب عليه وفاؤه مثلما فعلت، ويجوز لك أن تقضيه عنه ولو بغير إذنه أو علمه، وأنت في ذلك محسن مثاب إن شاء الله.

قال في مغني المحتاج في باب الضمان: (وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ عَنْهُ) وَهُوَ الْمَدِينُ (قَطْعًا) ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ دَيْنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ جَائِزٌ فَالْتِزَامُهُ أَوْلَى، وَكَمَا يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً. انتهى.

وإن مات صاحب الحق، فإن الحق يدفع إلى ورثته. وبه تعلم أنه لا يلزمك إخبار صاحبك بما جرى، وأنك لو التزمت الحق المالي عنه برئت ذمته وكنت مأجورا إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني