السؤال
هل "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" صيغة استغفار؟ وهل أستطيع اتخاذها وردا للاستغفار؟
وجزاكم الله عنا كل خير.
هل "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" صيغة استغفار؟ وهل أستطيع اتخاذها وردا للاستغفار؟
وجزاكم الله عنا كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول العبد: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" يعتبر دعاء ثناء، وهو دعوة ذي النون التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط، إلا استجاب الله له. رواه الترمذي وغيره.
وهذا الدعاء يتضمن طلب المغفرة من الله تعالى لما صدر من سيدنا يونس عليه السلام؛ لأن الدعاء -كما قال أهل العلم- نوعان: دعاء ثناء، ودعاء طلب، فذكر الله تعالى والثناء عليه دعاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وَالْمَقْصُودُ هنا أَنَّ لَفْظَ " الدَّعْوَةِ وَالدُّعَاءِ " يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. وَفِي الْحَدِيثِ: {أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ: {دَعْوَةُ أَخِي ذِي النُّونِ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. مَا دَعَا بِهَا مَكْرُوبٌ إلَّا فَرَّجَ اللَّهُ كُرْبَتَهُ. سَمَّاهَا " دَعْوَةً " لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ نَوْعَيْ الدُّعَاءِ. فَقَوْلُهُ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ. اعْتِرَافٌ بِتَوْحِيدِ الْإِلَهِيَّةِ، وَتَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ يَتَضَمَّنُ أَحَدَ نَوْعَيْ الدُّعَاءِ، فَإِنَّ الْإِلَهَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لَأَنْ يُدْعَى دُعَاءَ عِبَادَةٍ، وَدُعَاءَ مَسْأَلَةٍ، وَهُوَ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ. وَقَوْلُهُ: {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87] . اعْتِرَافٌ بِالذَّنْبِ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ طَلَبَ الْمَغْفِرَةِ؛ فَإِنَّ الطَّالِبَ السَّائِلَ تَارَةً يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الطَّلَبِ، وَتَارَةً يَسْأَلُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ إمَّا بِوَصْفِ حَالِهِ، وَإِمَّا بِوَصْفِ حَالِ الْمَسْؤولِ، وَإِمَّا بِوَصْفِ الْحَالَيْنِ.
والحاصل أن هذا الدعاء يتضمن معنى الاستغفار، ولا بأس أن يكرره العبد ويدعو به في كل وقت، أو يتخذ منه وردا دون الالتزام بوقت معين، أو عدد محدد.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني