السؤال
هل يأثم من يخاصم إخوته بسبب الكثير من الأمور مثل التكلم عنه بالسوء أمامه، أو من ورائه، وانتقاده دوماً، ورؤية الأمور السيئة فيه، ونسيان أنفسهم؟
جزاكم الله خيراً.
هل يأثم من يخاصم إخوته بسبب الكثير من الأمور مثل التكلم عنه بالسوء أمامه، أو من ورائه، وانتقاده دوماً، ورؤية الأمور السيئة فيه، ونسيان أنفسهم؟
جزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم توضحي في سؤالك ماذا تقصدين بخصومتك لإخوتك، وسنجيبك حسب المعنى السائد لدى كثير من الناس، وهو أنهم يقصدون بذلك الهجر فنقول: إن كنت تقصدين بخصومتهم هجرهم، فالأصل أنه لا يجوز لك ذلك فوق ثلاثة أيام، فقد جاءت النصوص الشرعية الكثيرة بتحريم الهجر والتقاطع بين عموم المسلمين، وما كان من ذلك بين ذوي الأرحام فهو أشد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
ولا يرخص في الهجر إلا لمصلحةٍ شرعية، كما بين ذلك العلماء.
قال ولي الدين العراقي في طرح التثريب: هذا التحريم محله في هجرانٍ ينشأ عن غضب لأمر جائز لا تعلق له بالدين، فأما الهجران لمصلحة دينية من معصية، أو بدعة، فلا مانع منه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجران كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم.
قال ابن عبد البر: وفي حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن يهجر المرء أخاه إذا بدت له منه بدعة، أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديباً له وزجراً عنها.
وقال أبو العباس القرطبي: فأما الهجران لأجل المعاصي، والبدعة فواجب استصحابه إلى أن يتوب من ذلك، ولا يختلف في هذا. وقال ابن عبد البر – أيضاً - : أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، إلا أن يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه، أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه، فإن كان كذلك، رخص له في مجانبته، ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هجر المسلم لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم، ولا سيما إذا كان المؤمن قريباً لك أخاً، أو ابن أخ، أو عمّاً، أو ابن عم فإن الهجر في حقِّه يكون أشد إثماً. اللهم إلا إذا كان على معصية، وكان في هجره مصلحة، بحيث يقلع عن هذه المعصية فلا بأس به؛ لأن هذا من باب إزالة المنكر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم، والأصل أن هجر المؤمن لأخيه المؤمن محرّم، حتى يوجد ما يقتضي الإباحة. انتهـى.
وينبغي لك نصيحة إخوتك حتى يكفوا عن الغيبة، والخصومة بالباطل، وتهمة الآخرين بغير حق.
وللفائدة ترجى مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 138743// 48026// 118694
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني