الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى: وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

السؤال

قال تعالى:"فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم"
هل المشرك يرجى له المغفرة والرحمة؟ أم هذا رجاء قبل أن يموت لأن إبراهيم قال هذا في الدنيا فلعلهم يختم لهم بالتوبة؟
أم كونه لا يعلم أن الله لا يغفر للكافر فهو يقول هذا، وقد قال قبلها: الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق.
أفي كبره ما زال لا يعلم هذا الأصل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقوله تعالى: وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {إبراهيم:36}، قيل إن إبراهيم عليه السلام قاله قبل أن يعلم أن الله لا يغفر للمشرك، كما استغفر لأبيه حتى نهاه الله عن ذلك، وقيل معنى: (ومن عصاني) أي فيما دون الشرك، وقيل بل معناه تغفر له بأن تهديه للإسلام وتتوب عليه قبل موته، قال في فتح البيان: (ومن عصاني) فلم يتابعني ولم يدخل في ملتي (فإنك غفور رحيم) قادر على أن تغفر له، قيل قال هذا قبل أن يعلم أن الله لا يغفر أن يشرك به كما وقع منه الاستغفار لأبيه وهو مشرك قاله ابن الأنباري، قيل المراد عصيانه هنا فيما دون الشرك قاله مقاتل، وقيل إن هذه المغفرة مقيدة بالتوبة من الشرك، قاله السدي، وقيل تغفر له بأن تنقله من الكفر إلى الإيمان والإسلام وتهديه إلى الصواب. انتهى.

ومنع بعض العلماء أن يكون هذا دعاء لهم بل ليس ذلك إلا محض تسليم لله تعالى وتفويض أمرهم إليه، قال ابن كثير: ثم ذكر أنه افتتن بالأصنام خلائق مِنَ النَّاسِ، وأنه تبرأ مِمَّنْ عَبَدَهَا وَرَدَّ أَمْرَهُمْ إِلَى اللَّهِ إِنْ شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم، كقول عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118] وليس فيه أَكْثَرُ مِنَ الرَّدِّ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ. انتهى.

وبه يتبين أنه لا إشكال في الآية بحمد الله على كل تقدير.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني