الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزيادة في ثمن المبيع عند تأخر السداد

السؤال

الإخوة المكرمون في مركز الفتوى:
اشترى والدي بيتاً ببيعٍ مؤجلٍ، لأجلٍ مسمىً بين الطرفين، بعد دفع جزءٍ من المبلغ المتفق عليه بينهما, وبعد الاتفاق رحل والدي من بيته المستأجر إلى البيت الجديد، واستقال من عمله؛ سعياً منه للحصول على مكافأة نهاية الخدمة، ليكمل ما تبقى عليه من ثمن البيت. لكن والدي عجز عن دفع ما تبقى من ثمن البيت قبل انتهاء الأجل. فاشترط عليه البائع زيادة في الثمن، ليتنازل عن ملكية البيت.
فهل هذه الزيادة مشروعة؟
1- هل هذه الزيادة مشروعة فيما لو اشترطها البائع حين تم الاتفاق على الثمن الأول، حال التخلف عن موعد السداد؟
2- هل هذه الزيادة مشروعة فيما لو اشترطها البائع بعد جلسة الاتفاق الأولى، وقبل انقضاء الأجل المسمى بينهما؟
3- هل هذه الزيادة مشروعة فيما لو اشترطها البائع بعد انقضاء الأجل المسمى بينهما؟
علماً بأن والدي سكن البيت لستة أشهرٍ دون مقابل تكرماً من البائع قبل التنازل، ودفع الثمن المؤجل. وأنه كذلك قام بدفع الزيادة مكرهاً, ولكنه الآن يطالب بهذه الزيادة بعد انقضاء ست سنوات على دفعها. علماً مرةً أخرى بأن والدي استرد خُمس المبلغ المزاد بعد التقاضي عند أحد أئمة المساجد عندنا.
جزاكم الله خيراً، وبارك في جهدكم، واعذرونا على الإطالة التي اقتضاها تبيان وتوضيح المسألة.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن البيع من العقود اللازمة، فإذا تم بشروطه، وأركانه، لزم البائعَ تسليمُ المبيع، ولزم المشتري دفعُ الثمن مؤجلا، أو معجلا كله، أو بعضه حسب الاتفاق مع البائع. وعجز المدين عن السداد غير مبيح للبائع أن يزيد عليه في الثمن، وإن حصل ذلك، فتلك الزيادة محرمة على البائع، ولا يحلها له كونها تمت برضا المشترى، فالحرام لا يحله تراضي الطرفين عليه، وليس أمام البائع في هذه الحالة إلا أن ينظر المعسر، أو يقاضيه إن كان يرى أنه مماطل؛ قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي الواجد يحل عرضه، وعقوبته» رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

قال علي الطنافسي: يعني عرضه شكايته، وعقوبته سجنه. اهـ.

وجاء في قرار المجمع الفقهي، في دورته السادسة ما نصه:
البند الثالث: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد، فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق، أو بدون شرط؛ لأن ذلك رباً محرم.

البند الرابع: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء. اهـ.

وعليه، فما قام به البائع من أخذ زيادة على والدك على الثمن المعلوم، لعجزه عن السداد، غير مشروع، ولا يحق له في كل الأحوال التي ذكرت، وعليه ردها إلى والدك.

وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 78879 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني