السؤال
إذا كان الحضور إجباريًا في بعض المواد العملية في الجامعة، لأن غياب أكثر من 75% من مجموع الحصص يترتب عليه الحرمان من الامتحان، وكان تسجيل الحضور يتم بوضع الطالب بطاقته الجامعية عند الحارس على باب المعمل قبل دخوله، فماذا يترتب على من يغيب ويفعل هذا، وهو في المقابل يعطي المال للحارس ليسجل له الحضور، ويرسل بطاقته مع أحدهم ليضعها له دون انتباه الحارس، وماذا على من يفعل الفعل نفسه؟ وهل يعد دخولهم للامتحان جائزًا؟ وما حكم نجاحهم حينها وشهادتهم؟ علمًا أن الطلاب يرون أن حضور هذه المواد العملية يضيع جزءًا غاليًا من وقت الدراسة، خصوصًا أن الدراسة مكثفة؛ لذا فليس من الضروري أن يكون الغياب تكاسلًا، بل لاستثمار الوقت في شيء أنفع -جزاكم الله خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحايل الطالب لتسجيل حضوره وهو غائب محرم شرعًا؛ لما فيه من غش، وخداع للجامعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. أخرجه مسلم.
والمال المعطى مقابل ذلك هو من الرشوة المحرمة، قال الخطابي في شرح حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي. رواه أبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح: الراشي المعطي، والمرتشي الآخذ، وإنما يلحقهما العقوبة معًا إذا استويا في القصد، والإرادة، فرشا المعطي لينال به باطلًا، ويتوصل به إلى ظلم، وكذلك الآخذ إنما يستحق الوعيد إذا كان ما يأخذه إما على حق يلزمه أداؤه، فلا يفعل ذلك حتى يرشا، أو عمل باطل يجب عليه تركه فلا يتركه حتى يصانع ويرشا. اهـ. باختصار من معالم السنن.
ومن أعان على التحايل والرشوة فهو آثم كذلك، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، والمعين على معصية شريك لفاعلها في الإثم.
فيجب على من فعل ذلك المبادرة بالتوبة إلى الله عز وجل، وكون الدراسة مكثفة، ونحوها من المبررات لا تسوغ ارتكاب ذلك.
وأما حكم دخول الامتحان لمن فعل ذلك: فلا يجوز له دخول الامتحان إذا كان غيابه بالقدر الذي يجعل الطالب محرومًا من دخول الامتحان، إلا إن أخبر إدارة الجامعة بغيابه فأذنت له بدخول الامتحان.
فإن حصل ودخل وحسب له ذلك في درجات شهادته، فحكمه حكم من حصل منه غش في الشهادة، وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 31995.
والله أعلم.