الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أريد الاستفسار عن قاعدة: البراءة الأصلية، وأن الأصل في الأشياء الإباحة والحل، ما لم يرد من الكتاب والسنة غير ذلك.
والتوسع في هذه القاعدة هل يؤدي إلى أخطاء؟
وعن ما قاله بعض تلاميذ المذاهب عن الإمام الشوكاني والصنعاني، بأن التوسع منهما في هذه القاعدة أدى إلى وقوعهما في أخطاء كثيرة مثل: مسألة طهارة الخمر؟
أرجو التوضيح.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قاعدة: (البراءة الأصلية) مُسَلَّمة عند الجمهور، ولا حرج في التوسع فيها، وإنما الحرج أو الخطأ -إن صح التعبير- على من تسرع في تطبيقها قبل البحث والتفتيش عن دليل صارف عنها.

ذلك أن العلماء اشترطوا لصحة الاستدلال بها، ألا يكون هناك دليل من كتاب أو سنة، أو إجماع، أو قياس ينقل المسألة الواردة عن البراءة الأصلية؛ إذ هي آخر ما يلجأ إليه المفتي، فإذا لم يجد دليلاً غيرها، فليحكم بها، ولا حرج عليه، إن شاء الله.
أما اعتراض البعض على رأي الإمامين المذكورين في طهارة الخمر التي ذكر السائل ونحوها، فلا نرى أن وجه ذلك الاعتراض هو التوسع من الإمامين في القاعدة وحده، بل إن وجه الاعتراض على القول بطهارة الخمر هو وجود أدلة، يرى الجمهور أنها تكفي في الحكم بنجاسة الخمر، مما يمنع من تطبيق هذه القاعدة.
وبالجملة فإن استصحاب الأصل قاعدة جليلة، لا يُستغنى عنها، لكن يجب أن توضع موضعها، فإنه ليس كل نازلة أو مسألة لا يحكم فيها إلا إذا وجد نص من الكتاب أو السنة، بل قد يكون عدم النص هو الدليل.

ولهذا قال المحققون من العلماء: لو التزمنا أن لا نحكم بحكم حتى نجد نصاً لتعطلت الشريعة، فإن النصوص فيها قليلة، إذا ما قورنت بالحوادث والنوازل، وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة، وهذا باب دقيق من أبواب الاجتهاد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني