الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إتيان الكهنة والعرافين

السؤال

منذ أربع سنوات ذهبت لأحد الذين يزعمون أنهم من الشيوخ، ويكتبون الحجابات، وقلت له أني لا أستطيع الدراسة، وقد أكون متعبا نفسيا؛ لأني كنت مصمما أن أعيد امتحان الثانوية العامة للمرة الثالثة في العام الذي يليه، وكنت يائسا من النجاح، المهم كتب لي حجابا حرقته فيما بعد، كان مكتوبا بداخله دعاء.
هل أنا كافر لا سمح الله؟ وهل خرجت من الملة؟ من أتى كاهنا أو عرافا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فانك لم توضح لنا ماهية ما كتب لك الشيخ، ولكنا ننبه إلى أن الرقية تباح، والأولى أن يرقي الشخص نفسه، وأن لا يسترقي غيره، ولا بأس بطلب الرقية ممن عرف بتكرر النفع من رقيته، وكان صاحب معتقد سليم، واستقامة على السنة، ويجب الحذر من مخالطة الدجالين والمشعوذين، وقد أجاز كثير من أهل العلم كتابة القرآن وغسله وشرب مائه للتداوي به. وقد بينا في بعض الفتاوى السابقة منع ما يأمر به بعض المشعوذين من حرق بعض الأوراق والتبخر بها، وراجع الفتويين التاليتين أرقامهما: 146715، 130639.

وأما الحجاب فإن كان المقصود به: (ما يكتب في ورق ثم يوضع في خرقة من قماش أو قطعة من جلد ثم يعلق) فهذا داخل فيما يعرف بالتميمة، والتميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف أهل العلم في جواز تعليقها، والراجح أنه لا يجوز، كما سبق في الفتوى رقم: 6029.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني، وقال ـ أيضا ـ صلى الله عليه وسلم: مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ. رواه أحمد، وصححه الألباني، وقال عليه الصلاة والسلام: مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.

وينبغي التخلص منها بإتلافها بالحرق أو ما أشبهه. وراجع الفتوى رقم: 660.

واماعن حصول الكفر فهو متفرع عن معرقة حقيقة الشيخ المذكور فإن كان يرقي بالرقية الشرعية فلا يكفر من جاءه، وأما إن كان من المشعوذين أو السحرة فيحرم المجيء إليه وسؤاله وتصديقه؛ لما في مستدرك الحاكم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لكن إتيانهم إنما يكون كفرا مخرجا من الملة عند تصديقهم واعتقاد أنهم يعلمون الغيب، أما إتيانهم مع عدم تصديقهم أو مع اعتقاد أنهم يعلمون هذه الأمور بسبب من الأسباب كإخبار الجن لهم ونحو ذلك، فلا يكون كفرا مخرجا من الملة حينئذ، قال المناوي (رحمه الله) : ثم إنه لا تعارض بين ذا الخبر وما قبله، لأن المراد أن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر، وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر. اهـ من فيض القدير

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني