الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع لأصحاب المكاتب العقارية فرض رسوم زائدة تحت مسمى خدمات مكتبية

السؤال

بعض المكاتب العقارية تفرض على الناس رسوما، وتضع لها مسميات، مثلا: خدمات مكتبية، رسوم فتح ملف، رسوم إدارية، ولكنهم بالمقابل لا يقدمون أي شيء خاص أو مرتبط بهذه المسميات، إنما يضعون هذه الأسامي ويجبرون الناس على الدفع مقابلها، فهل يحق لهم هذا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت تلك الرسوم يقابلها شيء من تقديم خدمة ونحو ذلك ولو قل فلا إثم على أصحاب تلك المكاتب من هذه الحيثية، وإن كان ينبغي التحلي بالسماحة وترك الجشع في المعاملات عموما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري.

أما إن كانت تلك الرسوم لا يقابلها أي شيء مطلقا، فهذا لا يجوز؛ لأنه يعد أكلا للمال بالباطل، هذا فضلا عن أن تسميتها بتلك الأسماء والحال ما ذكر تكون من باب الكذب.

ومن جهة أخرى فإن كانت الجهات الحاكمة تضع حدا معينا لأجور تلك المكاتب بحيث لا تسمح بتجاوزه كما يقع في بعض البلاد، فهذا فرع عن التسعير، وقد سبق بيان خلاف العلماء في حكمه في الفتوى رقم: 26530، ونرى أنه أمر تابع للمصلحة، فيباح حين يكثر الظلم والجشع في الأسعار، ويمنع حين تكون الأسعار عادية وأمور الأسواق مستقرة.
وعلى ذلك فإن كان تحديد السلطات المختصة لأرباح تلك المكاتب منعا لانتشار الجشع بين أصحابها، فحينئذ يكون التحديد جائزا، ويجب على أصحاب المكاتب الالتزام به؛ لعموم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ {النساء:59}، ومن ثم لا يجوز التحايل على ذلك بفرض تلك الرسوم ونحوها، ويكون هذا وجها آخر للمنع.
أما إن كانت السلطات تضع حدا يضر بأصحاب المكاتب مما يضطرهم لوضع تلك الرسوم، فحينئذ لا حرج عليهم في التحايل بما ذكر دفعا للضرر؛ حيث لا تجب طاعة أولي الأمر فيما لا مصلحة فيه عامة ظاهرة. وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 271141، 168437، وراجع كذلك لمزيد فائدة الفتوى رقم: 123802.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني