السؤال
يقول الله -عزَّ وجلَّ-: الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها.
ما معنى الآية؟ وما المقصود بالسماء؟ وهل السماء جسم مادي يرفع على عمد؟
وجزاكم الله خيراً.
يقول الله -عزَّ وجلَّ-: الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها.
ما معنى الآية؟ وما المقصود بالسماء؟ وهل السماء جسم مادي يرفع على عمد؟
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآية التي أشار إليها السائل الكريم هي قول الله تبارك وتعالى: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ [الرعد:2].
وجاء مثلها في سورة لقمان فقال الله تعالى: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا [لقمان:10].
ومعنى الآية -والله أعلم- أن الله سبحانه وتعالى يخبر عن كمال قدرته وعظيم شأنه، بأنه -سبحانه وتعالى رفع السماوات فوق الأرض بدون أعمدة تحملها، كما يراها الناس واضحة للعيان.
ويقول سيد قطب رحمه الله في الظلال: والسماوات أيا كان مدلولها، وأيا كان ما يدركه الناس من لفظها في شتى العصور، معروضة للأنظار هائلة ولا شك، حين يخلو الناس إلى تأملها لحظة، وهي هكذا لا تستند إلى شيء مرفوعة بغير عمد، مكشوفة ترونها.
والسماء في لغة العرب معناها: العلو والارتفاع، فكل ما علاك فهو سماء. قال ابن منظور في اللسان: السموّ: الارتفاع والعلو، تقول: سموْت وسميت مثل علوْت وعليْت. اهـ.
وعلى هذا؛ فالسماء تشمل كل ما فوقنا مما نشاهده وما غاب عنا من الكواكب والنجوم والمجرات.... والسماوات جمع سماء، وهي جسم محسوس، ولها أبواب كما جاء في القرآن الكريم: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ [الأعراف:40]. وقال الله تعالى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً [الملك:3].
والسماوات، ومن فيها وما فيها من غيب الله المكنون الذي لا نعلم عنه إلا ما جاء به الوحي في كتاب الله أو على لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذه السماوات أمسكها الله تعالى بقدرته، وبغير عمد يراها الناس.... قال ابن عطية في تفسيره: للسماوات عمد غير مرئية، قاله مجاهد وقتادة. اهـ.
وهذه الآية الكريمة من آيات الإعجاز في القرآن الكريم، وجاء مثلها في سورة الحج، وهو قول الله تبارك وتعالى: ِوَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الحج:65].
ومثلها في سورة فاطر قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً [فاطر:41].
ولعل الأعمدة التي تمسك السماء وهي لا ترى هي الجاذبية التي تجعل لكل شيء مداراً ثابتاً بقدرة الخالق سبحانه.. وتلك الجاذبية جعلها الله سبحانه حائلة دون أن ينهار الكون وتصطدم الشمس بالقمر وتتناثر الكواكب، وقد أشار إلى هذا المعنى بعض العلماء المعاصرين.
والحاصل أن هذه الآية وما أشبهها تشير إلى بعض مظاهر قدرة الله تعالى في هذا الكون.. ذلك أن الجاذبية لم تكتشف إلا بعد نزول القرآن بمئات السنين، وهي كذلك دليل قاطع وبرهان واضح على أن هذا القرآن منزل من عند الله -سبحانه وتعالى- وأنه معجزة الإسلام الخالدة يتجلى صدقه وإعجازه في الكون والنفس والآفاق.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني