السؤال
يا شيخ، أنا زوجي عنده زوجة ثانية موظفة يذهب بها كل يوم للمدرسة حتى في يومي، وأنا ربة بيت، يعني يخرج من عندي ليذهب بها إلى المدرسة، ويتأخر الظهر لكي يرجعها، فهل يجوز أن يخصص لي وقتا يأتيني بحيث يعوضني عن هذا المشوار؟ مع العلم أنه إذا خرج من عندنا العصر بنهاية يومنا لا يأتينا إلا من الغد بعد العشاء. وفي ذهابه بها للمدرسة هناك فرصة لتفقد أخبارهم والسؤال عنهم، وأنا وحيدة وأولادي صغار ونحتاجه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأساس في القسم بين الزوجات هو الليل، والنهار تبع له، كما صرح بذلك الفقهاء.
ونصوا أيضًا على أن له الدخول للأخرى نهارًا لحاجة، ويمكنك مطالعة ذلك في الفتوى رقم: 110761، والفتوى رقم: 197235.
فإذا كانت الزوجة الأخرى في حاجة إلى نقلها لجهة عملها وردها إلى البيت فلا حرج في ذلك، على أن لا يتجاوز قدر الحاجة.
وما ذكرت من تفقده أحوالهم والسؤال عنهم: فإنه جائز ولو كان معك في بيتك، فمثل هذا مما يحتاج إليه الزوج؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين في الشرح الممتع: فيكون عماد القسم للزوجات الليل، أما النهار: فالإنسان يذهب في معيشته، ربما يتردد إلى بيت هذه لأمرٍ يتعلق بمعيشته، وبيعه وشرائه، ولا يتردد إلى الأخرى، وربما تكون خزائن ماله في بيت واحدةٍ فيحتاج إلى أن يتردد عليها، ولو لم يكن يومها. اهـ.
ولا يخفى أن الحاجات في النهار كثيرة، ولا يلزمه أن يقضي لك لمجرد كونه ذهب ليوصلها إلى العمل؛ فالفقهاء إنما ذكروا القضاء فيما إذا ذهب عندها في بيتها لحاجة، ولكنه أطال المقام، وهذا ما لم يحدث هنا.
وكونه لا يأتيكم إلا من الغد بعد العشاء: فإن الفقهاء رخصوا للزوج الخروج في أول الليل؛ لكونه مما هو معتاد الخروج فيه للحاجة, كخروجه للصلاة, ونحوها؛ جاء في المغني لابن قدامة: فَصْلٌ: وَإِنْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَعْضِ نِسَائِهِ فِي زَمَانِهَا.
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي النَّهَارِ, أَوْ أَوَّلِ اللَّيْلِ, أَوْ آخِرِهِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالانْتِشَارِ فِيهِ, وَالْخُرُوجِ إلَى الصَّلاةِ: جَازَ؛ فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ يَخْرُجُونَ لِصَلاةِ الْعِشَاءِ, وَلِصَلاةِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِهِ, وَأَمَّا النَّهَارُ: فَهُوَ لِلْمَعَاشِ وَالانْتِشَارِ، وَإِنْ خَرَجَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ, وَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ عَادَ, لَمْ يَقْضِ لَهَا؛ لأَنَّهُ لا فَائِدَةَ فِي قَضَاءِ ذَلِكَ، وَإِنْ أَقَامَ قَضَاهُ لَهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ إقَامَتُهُ لَعُذْرٍ، مِنْ شُغْلٍ أَوْ حَبْسٍ, أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لأَنَّ حَقَّهَا قَدْ فَاتَ بِغَيْبَتِهِ عَنْهَا. اهـ.
وينبغي للزوجتين أو الزوجات الصبر ولو كان هنالك جور يصر الزوج عليه، حفاظًا على كيان الأسرة من أن يهدم؛ قال الشيخ/ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: فإنني أقول لهذه المرأة: اصبري عليه، واحتسبي الأجر على الله -عز وجل-، وقومي بواجبك؛ فإن قيامك بواجب الزوج من تقوى الله -عز وجل-، وقد قال الله -تعالى وتبارك-: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا)، وقال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب). ومقابلة العدوان بالعدوان والتقصير بالتقصير قد لا تزيد الأمر إلا شدة، فأخشى إن قابلت هذه المرأة زوجها بمثل ما يعاملها به من الجور والظلم أن يقع بينهما الانفصال الكامل، فيضجر منها، ثم يطلقها بعد ذلك، وفي هذه الحال تتفرق العائلة، ويتمزق الشمل، وهذا أمر خلاف ما يرمي إليه الشرع من الائتلاف والاتفاق. اهـ.
والله أعلم.