السؤال
كنت في الماضي أخرج وأنا واضعة الروائح، وكان في بداية الأمر بجهل مني بأن هذا حرام، وبعد علمي تهاونت في ذلك وكنت أضع الروائح أيضًا، ووالدي هو الذي أتى بها وشجعني على ما أفعل، وكان ذلك قبل سن العشرين، وكنت غير متفقهة في أمور ديني، كنت فقط منشغلة بمذاكرتي ودروسي وحرص والدي الشديد على أن أحصل على أعلى مجموع لألتحق بكلية الطب، لكني بعد دخولي الجامعة أصبحت أريد معرفة ديني وحقوقي وواجباتي، وأرجو رضا الله عني، وندمت على ما كنت أفعل، وعزمت على عدم الرجوع لما كنت أفعل.
الآن والدي يسيئ معاملتي بالإهانة، ويضربني ضربًا مبرحًا بالأسلاك، ويقول إن هذا عقاب على فعلي لأن التي تضع الروائح كالزانية، وعقابها الجلد، وأنه كان يتركني ويمهلني حتى أحصل على مجموع عال في الثانوية العامة، فهل له فعل ذلك، ويكون على حق، وعليّ قبول هذا دون اعتراض على فعله بي؟ وأنا أقوم بإهانته ردًّا على أذاه لي.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يقبل توبتك، وأن يصلح حالك وحال والدك، ونوصيك بالدعاء له بالصلاح، وأن يكف عن أذاك.
وقد أخطأ أبوك خطأ كبيرًا في الحالين حيث أذن لك ابتداء في ركوب المحرم؛ بدعوى التفوق في الثانوية العامة!! وهو مسؤول عنك، وكان الواجب عليه أن ينهاك عن المنكر، وما ذكره عذرًا لا يُجوِّز فعل المحرم.
والخطأ الآخر: حيث عاقبكِ على ذنب قد تُبت منه؛ وفي الحديث: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
ثم إن هذا الفعل لا يوجب حد الزنا، وإنما المقصود أنه طريق إلى الزنا، أو تسمية مجازية؛ قال المناوي في فيض القدير: (إذا استعطرت المرأة) استعملت العطر أي الطيب الظاهر ريحه في بدنها أو ملبوسها (فمرت على القوم) الرجال (ليجدوا) أي لأجل أن يشموا (ريحها) أي ريح عطرها (فهي زانية) أي هي بسبب ذلك متعرضة للزنا ساعية في أسبابه داعية إلى طلابه، فسميت لذلك زانية مجازًا، ومجامع الرجال قلما تخلو ممن في قلبه شدة شبق لهن سيما مع التعطر، فربما غلبت الشهوة وصمم العزم فوقع الزنا الحقيقي، ومثل مرورها بالرجال قعودها في طريقهم ليمروا بها. انتهى.
وانظري الفتوى رقم: 100675.
ثم إن جلد الزانية للإمام وليس لآحاد الناس.
وراجعي في كف ظلم الوالدين الفتوى رقم: 43871، وتوابعها.
وما فعله لا يسوّغ لك عقوقه وإهانته؛ فهذا من العقوق المحرّم، بل من أكبر الكبائر، وإنّما كان المشروع لك أن تفعلي ما تتخلّصين به من أذاه، لكن دون إهانته بشتم ونحوه.
فالواجب عليكِ التوبة من إهانته، والحرص على برّه والإحسان إليه.
وراجعي للفائدة الفتويين: 127896، 115164.
والله أعلم.