السؤال
هل هناك حالات تجوز فيها السرقة: أقصد بسبب الضرورة القصوى كشدة الفقر وغيرها، فأرجو منكم أن تبينوا لي هذه الحالات إن وجددت.
هل هناك حالات تجوز فيها السرقة: أقصد بسبب الضرورة القصوى كشدة الفقر وغيرها، فأرجو منكم أن تبينوا لي هذه الحالات إن وجددت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضرورة هي كما قال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية: بلوغه حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب كالمضطر للأكل واللبس، بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم. اهـ.
وهذه الضرورة التي تبيح أكل الميتة ونحوها من المحرمات، هي التي تبيح الأخذ من مال الغير دون علمه، إذا تعين ذلك سبيلا للنجاة من الهلكة، ولم يزد على قدر الحاجة، قال السرخسي في المبسوط: الضرورة تبيح التناول من مال الغير بقدر الحاجة، فيمنع ذلك وجوب القطع. اهـ.
وقال الشيرازي في المهذب: وإن سرق الطعام عام المجاعة نظرت، إن كان الطعام موجوداً قطع، لأنه غير محتاج إلى سرقته، وإن كان معدوماً لم يقطع، لما روي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: لا قطع في عام المجاعة أو السنة ـ ولأن له أن يأخذه، فلم يقطع فيه. اهـ.
فنص على جواز الأخذ في عام المجاعة إذا لم يوجد الطعام، ونحو ذلك ما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين فقال: إذا كانت سنة مجاعة وشدة غلب على الناس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له، إما بالثمن أو مجانا، على الخلاف في ذلك، والصحيح وجوب بذله مجانا لوجوب المواساة وإحياء النفوس مع القدرة على ذلك والإيثار بالفضل مع ضرورة المحتاج، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج... لا سيما وهو مأذون له في مغالبة صاحب المال على أخذ ما يسد رمقه. اهـ.
وأما حصول حاجة لا تبلغ مرتبة الضرورة، فلا نعلم أحدا من أهل العلم نص على إباحة السرقة عندها، فهي لا ترفع الإثم، وإن كان يمكن أن يدرأ بها الحد ـ قطع اليد ـ ويكتفى بالتعزير، جاء في الموسوعة الفقهية: الاضطرار شبهة تدرأ الحد، والضرورة تبيح للآدمي أن يتناول من مال الغير بقدر الحاجة ليدفع الهلاك عن نفسه... والحاجة أقل من الضرورة فهي كل حالة يترتب عليها حرج شديد وضيق بين، ولذا فإنها تصلح شبهة لدرء الحد، ولكنها لا تمنع الضمان والتعزير. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني