السؤال
توفي والد زوجي وله 3أبناء ذكور وبنت واحدة، وقام الأخ الأكبر بطلب وكالة عامة لتخليص الميراث، وفعلًا الجميع قام بتوكيله بحسن نية، وبعد ما انتهى من توزيع الإرث وزع الإرث على الجميع إلا زوجي (وهو الأصغر)، وسجل إرث زوجي باسمه (الأخ الأكبر)، وحرم زوجي من ميراثه، وزوجي خارج البلاد. فهل يجوز أن أدعو على الأخ الأكبر أم لا يخصني هذا الموضوع؟ وزوجي حزين جدًّا لما حصل.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمنع الوارث من حقه في الميراث ظلم، بل نقل المناوي في فيض القدير عن الحافظ الذهبي أنه كبيرة من الكبائر.
ويجوز لك الدعاء على أخي زوجك إن كان حقًّا قد وقع منه الظلم بحرمان زوجك حقه من الميراث، ولكن لا يجوز التعدي في الدعاء عليه، بل بقدر ظلمه، وترك الدعاء عليه أفضل، ودل على جواز الدعاء على الظالم من غير المظلوم ما رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاصْبِرْ». فَأَتَاهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ». فَطَرَحَ مَتَاعَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ فَيُخْبِرُهُمْ خَبَرَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَلْعَنُونَهُ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ، وَفَعَلَ، وَفَعَلَ. فَجَاءَ إِلَيْهِ جَارُهُ فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ لاَ تَرَى مِنِّي شَيْئًا تَكْرَهُهُ. وصححه الألباني.
وقد قال العلامة/ محمد مولود في محارم اللسان:
وجاز أن تدعو على من ظلما ولو لغيرك بموت أو عمى.
وقال الخادمي الحنفي -رحمه الله- في كتابه (بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية): ( الدُّعَاءُ عَلَيْهِ ) أَيْ: عَلَى الْمُؤْمِنِ ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ: غَيْرِ الْكُفْرِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا لَهُ ) أَوْ لِغَيْرِهِ ( فَلَا يَجُوزُ )، وَيَحْرُمُ ( وَإِنْ كَانَ ) ظَالِمًا، ( فَيَجُوزُ بِقَدْرِ ظُلْمِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّعَدِّي ) عَنْهُ، وَقَدْ سَمِعْت سَابِقًا تَفْصِيلَهُ، وَأَنَّ جَزَاءَ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، وَأَنَّ مَا جَازَ لِعُذْرٍ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ عُذْرِهِ، وَفِي الْحَدِيثِ: { أَنَّ الْمَظْلُومَ لَيَدْعُوَ عَلَى ظَالِمِهِ حَتَّى يُكَافِئَهُ }. ( وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَدْعُوَ عَلَيْهِ ) أَيْ: الظَّالِمِ ( أَصْلًا )، بَلْ يَصْبِرُ وَيَعْفُو عَنْهُ أَوْ يُفَوِّضُ أَمْرَهُ إلَى اللَّهِ الْمُنْتَقِمِ؛ لِأَنَّ فِي حِفْظِ مِقْدَارِ الظُّلْمِ وَعَدَمِ التَّعَدِّي عَنْهُ عُسْرَةً لَا سِيَّمَا الْجَاهِلُ، وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعِ: { مَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَقَدْ انْتَصَرَ }. قَالَ الْمُنَاوِيُّ: أَيْ: أَخَذَ مِنْ عِرْضِ الظَّالِمِ فَنَقَصَ مِنْ إثْمِهِ فَنَقَصَ ثَوَابُ الْمَظْلُومِ بِحَسْبِهِ. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم: 136087، والفتوى رقم: 259729.
والله أعلم.