السؤال
ذهبت إلى عمرة، وأحرمت دون أن أقول إذا حبسني حابس، ومرضت وأنا في الطواف الثالث ولم أكمل عمرتي، وعدت إلى الرياض عن جهل، واستمنيت بالرياض، ولا أعرف هل أذهب وأكمل عمرتي؟ علما أني ذاهب لعمرة رمضان، فماذا أفعل؟ وإن كان هناك هدي ولا أستطيع ما البديل؟.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب عليك إتمام العمرة، ولا يصح رفض العمرة، وأنت باق على إحرامك لم تزل، فعليكَ الآن أن تمتنع مما يمتنع منه المحرم، ثم تقصدُ إلى مكة لأداء النسك، وننبهك أن اشتراط: إن حبسني حابس إنما ينفع مع وجود مانع فتستفيد منه التحلل دون فدية أو قضاء، لا أنه يجعلك في حل من إتمام العمرة متى شئت، وانظر في جميع ما سبق الفتوى رقم: 116129.
وقد اختلف الفقهاء في الاستمناء حالة الإحرام، هل يفسد النسك ـ سواء كان حجا أو عمرة ـ أو لا؟ والذي عليه الأكثر أنه لا يفسد النسك، وعلى فاعله شاة عند الأكثر، وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى أن عليه بدنة، قال المرداوي في الانصاف: قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَمْنَى, فَعَلَيْهِ دَمٌ: هَلْ هُوَ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن... إحْدَاهُمَا: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ... وَالثَّانِيَةُ: عَلَيْهِ شَاةٌ. انتهى.
ولا عذر بالجهل في هذه الحال؛ جاء في شرح منتهى الإرادات: (وَيُكَفِّرُ) وُجُوبًا (مَنْ حَلَقَ) نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا (أَوْ قَلَّمَ) أَظْفَارَهُ كَذَلِكَ (أَوْ وَطِئَ) أَوْ بَاشَرَ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا. انتهى.
وفي حاشية الخلوتي عند قوله: أو وطئ: قال: أو باشر دون الفرج، ولم يذكره للعلم به... انتهى.
وجاء في شرح المنتهى: (وَخَطَأَ فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ مُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ، وَتَكْرَارِ نَظَرٍ، وَتَقْبِيلٍ وَلَمْسٍ لِشَهْوَةٍ، أَنْزَلَ أَوْ أَمَذَى أَوْ لَا (كَعَمْدٍ) فِي حُكْمِ الْفِدْيَةِ كَالْوَطْءِ. انتهى.
فهذا النوع من المحظور من جنس الإتلاف الذي يستوي فيه العمد والجهل، وليس من قبيل الترفه؛ جاء في منتهى الإرادات: (الضَّرْبُ الثَّالِثُ: دَمٌ وَجَبَ لِفَوَاتِ) الْحَجِّ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي (أَوْ) وَجَبَ لِـ(تَرْكِ وَاجِبٍ) مِنْ وَاجِبَاتِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَتَأْتِي (أَوْ) وَجَبَ (لِمُبَاشَرَةٍ دُونَ فَرْجٍ فَمَا أَوْجَبَ) مِنْهُ (بَدَنَةً كَمَا لَوْ بَاشَرَ دُونَ فَرْجٍ فَأَنْزَلَ أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ) فَأَنْزَلَ (أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ لِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ) أَيْ أَمْنَى (أَوْ اسْتَمْنَى فَأَمْنَى فَحُكْمُهَا) أَيْ الْبَدَنَةِ الْوَاجِبَةِ بِذَلِكَ (كَبَدَنَةِ وَطْءٍ) فِي فَرْجٍ قِيَاسًا عَلَيْهَا فَإِذَا وَجَدَهَا نَحَرَهَا، وَإِلَّا صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ، أَشْبَهَ الْوَطْءَ (وَمَا أَوْجَبَ) مِنْ ذَلِكَ (شَاةً، كَمَا لَوْ أَمَذَى بِذَلِكَ) أَيْ الْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ وَتَكْرَارُ النَّظَرِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ لِشَهْوَةٍ فَكَفِدْيَةٍ أَذًى (أَوْ بَاشَرَ وَلَمْ يُنْزِلْ، أَوْ أَمْنَى بِنَظْرَةٍ فَكَفِدْيَةِ أَذًى) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ. انتهى.
وإذا قلنا بقول الجمهور، وهو الرواية الثانية عن أحمد من كون الفدية شاة فإنها تكون على التخيير كفدية الأذى، وهي صوم ثلاثة أيام، أو التصدق بثلاثة آصع من طعام، على ستة مساكين، وانظر الفتوى رقم: 229999.
والله أعلم.